21 نوفمبر 2024
8 أغسطس 2024
يمن فريدم-خاص
تصوير: عبداللطيف الزيلعي


يواجه اليمن الواقع جنوب غربي الجزيرة العربية، تحديات بيئية كبيرة بسبب التغيرات المناخية التي تعاظمت خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت تؤثر سلبًا على البلاد بمختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتمثل هذه التغيرات تهديدًا خطيرًا على مجالات الحياة خاصة المجتمعات الضعيفة.

أعاصير ومنخفضات ضربت اليمن

"تيغ" هو الإعصار السابع ضمن سلسلة الأعاصير والمنخفضات الجوية التي واجهتها المناطق الشرقية للبلد خلال الفترة (2015 – 2023)، وهي على الترتيب: تشابالا، وميج (2015) بفارق زمني بينهما يوم واحد في ظاهرة تكررت مرة أخرى مع إعصاري "ساجار و"ماكونو" اللذين حدثا في (2018)، وتلاهما في نفس العام إعصار لوبان، وكيار (2019).

اعصار "ماكونو"

وهو إعصار استوائي تكون في 21 مايو من عام 2018 في بحر العرب وأثّر بشكل أساسي على المناطق الواقعة في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية لدول اليمن وعُمان والسعودية، والجزر الواقعة في المناطق التي يمر بها مثل جزيرة سقطرى.

وتسبب هذا الاعصار بخسائر بشرية ومادية، حيث بلغ "إن عدد المفقودين ارتفع إلى 19 شخصا.

وأوضحت أن عدد النازحين في مركز مديريتي "حديبو" و"قلنسية" بلغ 507 أسر موزعين على مركز الإيواء في المدارس والمرافق الحكومية.

وعلى مستوى الأضرار المادية، غرقت ثلاث سفن غرقت فيما جنحت ستة أخرى، فيما تعرضت الطرقات الرئيسية لدمار واسع.

كما تهدمت جزئيا الكثير من المنازل، وجرف العشرات من أشجار النخيل الأراضي الزراعية، وفقدان عدد من السيارات جراء الفيضانات وتحطم قوارب.

اعصار "تيغ"

ضرب الإعصار المداري "تيغ" مناطق الساحل الشرقي لليمن في محافظة المهرة وأرخبيل سقطرى يومي 23 - 24 من شهر أكتوبر 2023.

في 24 أكتوبر، تحركت العاصفة نحو المناطق الشرقية من محافظة حضرموت، وشهدت هذه المناطق زخات وأمطار غزيرة أدت إلى أضرار جسيمة في البنية التحتية بما في ذلك المرافق الصحية، الطرق، خطوط الاتصالات، والكهرباء.

وفي محافظة المهرة، أعاقت الأحوال الجوية القاسية والأضرار التي لحقت بالطرق إمكانية وصول السلطات الصحية للأشخاص المتضررين وحماية الأرواح.

ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أفادت وسائل الإعلام المحلية بوفاة 7 أشخاص على الأقل، ونزوح أكثر من 1.000 شخص.

في جزيرة سقطرى، تم الإبلاغ عن حالتين تعاني من إصابات طفيفة، ولم تحدث أي وفيات. كما تركت (192) أسرة منازلها، وتضرر (314) منزلاً بشكل كلي وجزئي.

بينما تضررت الطرق الرئيسية التي تربط الجزيرة الجنوبية بوسط سقطرى، مما حد من الوصول إلى هذه المناطق.

شهد اليمن منخفضاً جوياً خلال الفترة من 16 إلى 24 أبريل الماضي 2024، ما أدى إلى تضرر 4 آلاف و798 أسرة نازحة في 8 محافظات.

وكشف تقرير حكومي، مطلع مايو 2024، عن تضرر نحو (5) آلاف أسرة نازحة، بسبب الأمطار والفيضانات الناجمة عنها جراء المنخفض الجوي في اليمن.

وذكر التقرير الصادر عن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، أن اليمن شهد منخفضا جويا خلال الفترة من 16 إلى 24 أبريل الماضي، ما أدى إلى تضرر (4) آلاف و(798) أسرة نازحة في 8 محافظات.

وأشار التقرير إلى أن المحافظات المتضررة هي (حضرموت، المهرة، شبوة، الضالع، أبين، الجوف، تعز، مأرب).

وأوضح التقرير الحكومي أن هذه الأضرار "تمثلت بدمار كلي أو جزئي في مأوى الأسر النازحة وممتلكاتها من مواد غذائية وغيرها.

ودعا التقرير المنظمات الدولية والمحلية إلى التدخل العاجل لتقديم المساعدات الطارئة للأسر المتضررة، ووضع خطط مستقبلية بالتعاون مع السلطات لإيجاد مواقع آمنة لمخيمات النازحين بعيداً عن مصبات السيول.

أضرار جديدة و"تهامة" في قلب الكارثة

شهد اليمن مؤخرا أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية، ما أدى إلى سيول كبيرة ضربت عدة محافظات يمنية منها (تعز، الحديدة، حجة)، ففي منطقة مقبنة في "شمير" بريف محافظة تعز أدى تدفق السيول إلى وقوع أضرار مادية وبشرية وتجريف مساحات أراضية واسعة وتشريد العشرات من الأسر، التي أصبحت دون مأوى، وهو الحال نفسه في محافظة حجة وتحديدا في مديريات (ميدي، حيران، حرض، عبس، أفلح) التي تعرض أجزاء منها لسيول جارفة خلفت أضرارا واسعة بالممتلكات.

وتسببت الأمطار الغزيرة ليلة السادس من أغسطس 2024، في فيضانات شديدة في جميع أنحاء محافظة الحديدة، بما في ذلك مدينة الحديدة وأسفرت عن مقتل 30 شخصاً وفقدان 5 آخرون، وفق ما ذكرت منظمة الصحة العالمية.

الحكومة اليمنية من جانبها دعت جميع الشركاء الإقليميين والدوليين من الدول والمؤسسات المالية والمنظمات الدولية والإنسانية إلى دعم جهودها في التصدي للأضرار الناجمة عن المنخفض الجوي الذي ضرب محافظتي الحديدة وحجة، وتسبب في هطول أمطار غزيرة أدت إلى فيضانات وسيول ألحقت أضراراً جسمية في البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة.

كل هذا الخسائر تؤدي إلى مؤشرات أن التغيرات المناخية وتأثيرها على اليمن كبلد نائي يتعاظم في ظل غياب خطة واستراتيجية حكومية، دون دعم واسناد إقليمي ودولي.

وعي مجتمعي غائب

يلعب الوعي المجتمعي بمخاطر التغيرات المناخية دورا كبيرا في مواجهة التابعات التي تخلفها هذه التغيرات، وثمة طرق يمكن من خلالها تعزيز الوعي المجتمعي حول التغيرات المناخية في اليمن.

الحملات التوعوية والتثقيفية، حيث تعلب الحملات الإعلامية والتوعوية عبر وسائل الإعلام المختلفة (التلفزيون، الراديو، الصحف، الإنترنت) دورا كبيرا لشرح آثار التغير المناخي وسبل التكيف معها، إلى جانب تنظيم ندوات وورش عمل للتعريف بالمخاطر المناخية والممارسات المستدامة في المجتمعات المحلية.

كما إعداد مواد تثقيفية وتعليمية مثل (كتيبات، بوسترات، أفلام توعوية) للتوزيع في المدارس والجامعات ومراكز المجتمع تساعد الناس على فهم مخاطر التغيرات المناخية، إلى جانب إشراك القيادات المجتمعية والدينية مثل (تدريب وتمكين القادة المحليين والزعماء الدينيين لقيادة الجهود التوعوية في مجتمعاتهم، تنظيم لقاءات وحلقات نقاشية مع هذه القيادات لاستكشاف دورهم في نشر الوعي المناخي، تشجيع الخطباء والواعظين على إدراج موضوعات التغير المناخي في خطبهم ومحاضراتهم).

ومن الأهمية أن تكون هناك شراكات مع المؤسسات التعليمية والبحثية على سبيل المثال إدماج موضوعات التغير المناخي في المناهج الدراسية في المدارس والجامعات، تشجيع البحوث والدراسات العلمية المتعلقة بالتغير المناخي والحلول المحلية، وتنظيم زيارات ميدانية للطلاب لمواقع تأثر التغير المناخي وتطبيقات التكيف.

ويضاف إلى ذلك بناء القدرات المجتمعية وتدريب المرشدين الزراعيين والمنظمات المجتمعية على ممارسات التكيف المناخي، وتعزيز مهارات المجتمعات المحلية في إدارة المخاطر والكوارث المناخية، بالإضافة إلى تشجيع المبادرات المجتمعية والتطوعية لتنفيذ مشاريع التكيف والاستدامة البيئية.

وتعليقا على ذلك قال علاء مصطفى ناشط بيئي وعضو في شبكة الشباب العربي للتنمية المستدامة، إن الوعي المجتمعي مهم جداً لمواجهة التحديات البيئية، بما فيها تغير المناخ، وكذا معرفه الناس ما الذي يحدث حولهم حين يمتلكون الوعي.

وأشار في تصريح لـ "يمن فريدم" إلى القدة على اتخاذ القرارات بشكل أحسن للمساهمة في حماية البيئة.

وقال علاء "ضروري نفهم أن التغيرات المناخية ناتجة عن أنشطة البشر مثل استخدام الوقود الأحفوري والتلوث وقطع الأشجار. كمان المجتمع لازم يعرف أن التغيرات المناخية بتسبب ارتفاع مستوى البحر، وتغيرات في الطقس، وزيادة الظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف وموجات الحر الشديدة. وأخيراً، ضروري ننشر ونعمل توعيه حول الحلول المناخية زي استخدام الطاقة المتجددة، والتشجير، وتحسين كفاءة الطاقة. إذا عرفنا كل هذا، بنقدر نكون جاهزين ومستعدين نتخذ خطوات فعلية لحماية البيئة".

وأكد علاء مصطفى على أن الوعي المجتمعي يلعب دورا كبيرا في الحد من آثار التغيرات المناخية بعدة طرق، من خلال تغيير السلوكيات مثل تقليل استهلاك الطاقة، وزيادة إعادة التدوير، واختيار وسائل نقل صديقة للبيئة.

وراهن على أن المجتمع الواعي قادر على دعم السياسات البيئية اللي تساعد في تقليل الانبعاثات وتحسين استخدام الموارد الطبيعية، والمشاركة في حملات ومبادرات لحماية البيئة مثل حملات التشجير وتنظيف الشواطئ، معتبرا أن مثل هذه الحملات لها وجود نادر جداً في اليمن.

ونوه علاء في تصريحه إلى قدرة المستهلك الواعي بالضغط على الشركات والمصانع لاتخاذ إجراءات أكثر استدامة، مثل اختيار منتجات صديقة للبيئة.

دور المجتمع المدني المحلي

يشهد اليمن تداعيات ملحوظة للتغيرات المناخية التي تؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين وعلى الموارد الطبيعية والبنية التحتية.

رئيس المنتدى الوطني للبيئة والتنمية المستدام، طارق حسان، قال في تصريح لموقع "يمن فريدم" إنه في ظل هذه التحديات المتزايدة، تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا حيويًا في التخفيف من آثار التغيرات المناخية والتكيف معها عبر تنفيذ حملات توعية شاملة تهدف إلى زيادة الوعي لدى المواطنين حول مخاطر التغيرات المناخية من خلال ورش العمل، وندوات، ومواد الإعلامية، كما أن هذه المنظمات تعمل على توجيه المجتمعات نحو تبني ممارسات مستدامة وصديقة للبيئة، وتنفيذ مشاريع تنموية تهدف إلى تعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية. تشمل هذه المشاريع تطوير الزراعة المستدامة، وإدارة الموارد المائية بشكل فعال، وإعادة تأهيل الأراضي المتضررة، ودعم تقنيات الطاقة المتجددة.

وذكر طارق حسان في حديثه أن المنظمات تقدم الدعم المباشر للمجتمعات المحلية المتضررة من التغيرات المناخية مثل (توفير المساعدات الإنسانية الطارئة وتحسين البنية التحتية المحلية لتكون أكثر مقاومة للكوارث الطبيعية، وتقديم التدريب والتمويل للمشاريع الصغيرة التي تساهم في تعزيز الزمن الغذائي والتنمية المستدامة.

ولم يغفل طارق حسان التحديات الكبيرة التي تواجه عمل المنظمات، مرجعا السبب إلى نقص التمويل وتعقيدات الوضع في اليمن.

اليمن والمجتمع الدولي لمواجهة التغيرات المناخية

يعد اليمن من الدول التي لم تحظى باهتمام كبير في استراتيجية المجتمع لمواجهة التغيرات المناخية وتداعياتها، ويرجع هذا لأسباب عدة منها غياب الاستراتيجية الرسمية اليمنية أمام المجتمع الدولي، وعدم وجود متابعات حثيثة للاستفادة من التمويلات التي خصصتها الأمم المتحدة للدول النامية المتضررة التغيرات المناخية، وكذا عدم جدية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ككل ببلد كاليمن الذي يشهد حربا وصراعات متعددة الأمر الذي يجعلهم أكثر حرصا على عدم تقديم التمويلات اللازمة لمواجهة الكوارث الناتجة عن التغيرات المناخية كما حدث في المحافظات الشرقية لليمن، وكما حدا مؤخرا في محافظي الحديدة وحجة وتعز.

ومع ذلك تبرز هنا الحاجة إلى ضرورة قيام المجتمع الدولي بدوره الكامل تجاه اليمن في ظل الظروف التي يعيشها، ويمكن هذا الدور يترجم إلى تقديم الدعم المالي للبرامج والمشاريع الخاصة بالتكيف مع التغير المناخي، وتوفير الخبرات والتقنيات الحديثة لمواجهة آثار التغير المناخي، مثل تطوير نظم الري والزراعة المستدامة، وتقديم المساعدة في إنشاء البنية التحتية الصديقة للبيئة كالطاقة المتجددة وإدارة النفايات.

ويرى متخصصون في مجال البيئة والكوارث أن بناء القدرات والتدريب يساهم في تنظيم برامج تدريبية للكوادر الوطنية في مجالات إدارة الكوارث والتخطيط، عوضا عن تقديم الدعم لمؤسسات البحث العلمي والجامعات اليمنية لتعزيز قدراتهم في البحوث المناخية، وتشجيع تبادل الخبرات والمعارف بين اليمن والدول الأخرى المتقدمة.

حلول وتحركات تساهم في مواجهة تحديات المناخ

يلعب التنسيق والمناصرة على المستوى الدولي لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية في اليمن دورا كبيرا في الاسهام الفعلي لإيجاد حلول تقلل من هذه المخاطر، وهذا يتمثل في التنسيق بين الجهات المانحة والحكومة اليمنية لضمان الاستفادة القصوى من المساعدات.

وموضوع المناصرة على المستوى الدولي لا شك أنه يساهم في زيادة الدعم المقدم لليمن وربطه بالأهداف التنموية والمناخية العالمية، ويمكن اليمن من المشاركة في المفاوضات والمحافل الدولية المتعلقة بالتغير المناخي.

ولذا فإن التعاون الوثيق بين اليمن والمجتمع الدولي سيكون حاسماً في مواجهة التحديات المناخية الخطيرة التي تواجهها البلاد وضمان تحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل.

ويبقى اليمن في مواجهة مخاطر التغيرات المناخية وحيدا ما لم يكن هناك تحركات على المستوى الداخلي، وخاصة من الجهات الحكومية بالتنسيق والشراكة من المنظمات المحلية والدولية المعنية بالمناخ ومواجهة تداعيات التغيرات المناخية والبيئة.

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI