نجحت مبادرة مجتمعية في بلدة رأس العارة 150 كيلو مترا شمال الحوطة عاصمة لحج بقيادة رئيس جمعية العارة السمكية وصيادين في المنطقة الساحلية المتاخمة لباب المندب في الحد من عملية الصيد الجائر للأسماك في المنطقة التي تعد السبب الرئيس في تدمير الشعاب المرجانية ومغادرة الاسماك لساحل المنطقة.
اتخذت المبادرة من منطقة الكوحة 7كليو مترا غرب بلدة (العارة) مقرا لها حيث يقضون فيها أسابيع طويلة دون العودة لمنازلهم للحفاظ على تلك الشعاب من عملية التدمير من خلال ملاحقة بعض المحركات التي تقوم بهذا النوع من الاصطياد وتشتهر المنطقة بتواجد كثيف للشعاب المرجانية فيها التي تعد المورد الرئيس لغذاء الاسماك.
تتسم محافظة لحج بوجود شريط ساحلي يقدر بـ 90 كيلو مترا يبدأ من (مرخه) مرورا (بالخور والصدف والمنفاح والعارة والكوحة وسقيه) به8270 صيادا يعد البحر مصدر عيشهم الوحيد لكن الساحل ذاته كان مسلكا لعصابات التهريب في السنوات الماضية في ظل عجز أمني عن ضبط عملية التهريب بمختلف صنوفه.
غياب الدولة والأمن وراء المبادرة
تغيب أجهزة الدولة عن مهامها في مناطق لها تأثير على الحياة العامة، وقد ينعكس ذلك التقصير سلبا في المستقبل القريب ما لم تتداركه، لكن المبادرات الأهلية تسد ذلك الفراغ وتقوم بالدور لتلافي أي آثار على مناطق الاصطياد السمكي.
وهو ما وضحه، رئيس جمعية العارة السمكية سابقا، قائد مبادرة حماية البيئة البحرية، محمد قاسم السباعي، والذي تحدث لـ " يمن فريدم": "أن اتخاذ منطقة (الكوحة) كمركز لمراقبة عملية تدمير الشعب المرجانية والصيد الجائر لوجود كمية هائلة من الشعب المرجانية في المنطقة في ثمانينات القرن الماضي، ولكن لوجود الدولة والأمن حينها كان هناك عملية تقنين لعملية الاصطياد ومراقبة لعملية الصيد الجائر التي كانت نادرة إن لم تكن منعدمة.
ويضيف في حديثة أن ما أعقب حرب2015 من غياب الدولة والامن شجّع العشرات من الصيادين للصيد العشوائي الجائر الذي كان سببا في هجرة أنواعا من الاسماك من المنطقة، وهو ما دعا المبادرة للقيام بالحراسة المجتمعية للحفاظ على هذه الثروة كونها مقدرات شعب وثروات أجيال قادمة، على حد وصفه.
وأثمرت هذه المبادرة في الحد من تزايد حالات الاصطياد العشوائي والجائر، كما أشار السباعي أنهم نجحوا في القبض مرات عدة على عدد ممن يقوم بهذه العملية من الاصطياد في الساحل واحتجازهم، ونتيجة لعدم تفاعل الأمن وغيابه تؤخذ التزامات من قبل ممن يخرجون لعملية الصيد في حال تم العودة سيتم مصادرة شباكهم وأسهم كثيرا في عملية تنظيم الاصطياد في المنطقة كما قال قائد المبادرة.
السباعي أكد أن المنطقة التي يوجد بها الشعب المرجانية تشهد في شهري أغسطس وسبتمبر من كل عام جراء موسم الرياح توافد المئات من الصيادين حيث أسهم الحفاظ على البيئة البحرية فيها من خلق فرص للاصطياد في ساحل (الكوحة) خلال هذين الشهرين حيث يقل الانتاج بسبب الرياح في مناطق أخرى حيث يصل الصيادون فيها من عدة مناطق ويضم وضع قانون يحظر الاصطياد بعد التاسعة ليلا في تلك الفترة.
حبر على ورق
ونص تعميما صادرا عن محافظ لحج الشهر المنصرم للسكان والصيادين وزوار المنطقة على منع عملية الاصطياد الجائر وتدمير الشعب المرجانية وصيد السلاحف البحرية والمتاجرة بها في محمية خور (العميرة) والشريط الساحلي محذر المخالفين من تقديمهم للمساءلة القانونية، لكن مدير مكتب الثروة السمكية في لحج، أحمد ذيبان، شكا من عدم تنفيذ توجيهات محافظ المحافظة الخاصة بذلك، وتعرض المجمعات السمكية التابعة للوزارة من الاقتحام، بالإضافة إلى وجود ساحات حراج في المناطق الساحلية تعمل دون تراخيص.
وأضاف ذيبان أن الهيئة وفرع الوزارة لم تتحصل على أية عوائد من مراكز الانزال الخاصة في المنطقة كونها تخضع لجهات متنفذة وخارجة عن إطار الدولة، في إشارة منه إلى عدم توجيهات السلطات المحلية والأمنية في المديرية، لتوجيهات المحافظ التي قال إنها حبيسة الأدراج.
يبين إحصاء لمكتب وزارة الثروة السمكية في لحج حجم الايراد السمكي في المحافظة خلال العام الماضي تجاوز15 مليار ريال يمني، في حين يبلغ عدد الصيادين في المحافظة 8270صيادا منهم1150 صيادا وافدا، ويبلغ عدد قوارب الاصطياد2460 قاربا منهم 125 قاربا وافدا من محافظات يمنية عدة، في حين يقدر عدد الانتاج السمكي المنوع 5722100 كيلو متوسط سعر الكيلو فيه2000 ريال، فيما بلغ انتاج خيار البحر واريكا 605420 كيلو معدل سعر الكيلو3000 ريال يمني.
تفريخ الجمعيات عطل العمل السمكي
إلى قبل سنوات قليلة كانت تمثل (جمعية رأس العارة السمكية) الوعاء الذي يحوي جميع الصيادين في رأس العارة البالغ عددهم 4000صياد، غير أن المنطقة شهدت ولادة زهاء 4 جمعيات سمكية أخرى في المنطقة، لهذا يرى عضو المبادرة الأهلية لحماية البيئة البحرية ومسؤول الرقابة في جمعية رأس العارة سابقا، راشد عوض، أن مكتب الشؤون الاجتماعية والسلطة المحلية هما من أضعفا دور الجمعية الأم في المنطقة التي كانت تقوم بدور في تسويق انتاج الصيادين وحفظ حقوقه من أي استغلال، ودعمه في حال عطل المحركات، لكن تفريخ الجمعيات السمكية بأسماء وهمية هو من أضعف القطاع السمكي في المنطقة وشجع على الاختلال في العمل السمكي بالمنطقة.
وأوضح أن ممتلكات الجمعية الأم تعرضت للنهب دون أن تنظر السلطات المحلية والأمنية له في وقت لاتزال بعض الممتلكات التي تقدر بملايين الريالات موجودة في المستودعات وعرضة للنهب دون أن يتم تشكيل لجنة للحفاظ على هذه الممتلكات.
وبحسب راشد فإن المبادرة الأهلية لحماية البيئة البحرية كانت ضرورة قصوى للحفاظ على هذه الثروة للأجيال القادمة من عملية التدمير التي يقوم به بعض الصيادين سواء من المنطقة أو من خارجها في ظل عدم اكتراث السلطة والأمن بأي مخاطر لتلك المحميات البحرية بسبب عملية الصيد الجائر، وأن القائمين على المبادرة لا يحلوا محل الدولة، لكن عامل مساعد في ظل غيابها بما يسهم في الحفاظ على هذا الثروة، مطالبا بتحويل (الكوحة) إلى محمية طبيعية لما من شأنه أن يحرك الجهود بقوة نحو الحفاظ على تدمير البيئة البحرية.