7 يونيو 2025
6 مايو 2023
يمن فريدم-خاص-تغريد علي
جدران صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين

 

وأنت تسير في شوارع صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين "المُسلحة" ستكتشف تلك العقلية العدائية التي تمتلكها تجاه النساء اللاتي يعشن في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.

 

ترجم الحوثيون تلك العقلية تجاه النساء من خلال استخدام جدران شوارع صنعاء وتحويلها إلى ما يشبه المنصة للنيل والتقليل من المرأة اليمنية والتشكيك بأخلاقها وسلوكها، فعلى سبيل المثال ستلاحظ الجدران التي كانت بالأمس يدون عليها إعلانات ونصائح للمواطنين بأهمية النظافة، وقصائد لعمالقة الشعر العربي، وأقوال عن الحرية،  ووجوه كانت تُذكر المارين بأنهم في غياهب السجون، ورسومات كانت تحث المواطنين على ضرورة  التعليم، ومحو الأمية، واحترام الآخر، والمساوة ،ومحاربة الفساد إضافة إلى عبارات كانت توعيهم بحقوقهم التي كفلها لهم الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية.

 

إلا أن كل ذلك تغير تماما وأصبحت جدران تحريض غير مسبوق ضد المرأة في مناطق سيطرة الحوثيين، ولم تعد تلك الجدران تنقل للعامة صورة إيجابية عن البلد وما يقدمه في كافة المجالات وخاصة المجال الثقافي والتوعوي.

 

شوارع ملوثة بالشعارات

 

تقول الشعارات التي كتبت على جدران شوارع صنعاء "حجابك مصدر عفتك"،" المرأة بلا حجاب مدينة بلا أسوار"، "الحجاب ستر"، " لا للتبرج": الأعداء يريدون ان يصدروا لنا المفاسد كي نصبح أمة مائعة وهزيلة ضائعة تفتقر للإرادة والقوة والموقف " وعبارات أخرى ركزت جميعها على لبس النساء وحجابهن، وربطوا ذلك بعفتها، كما اعتبروا بأن محاربة النقاب ما هو إلا "حرب ناعمة" تسعى لها دول أخرى لتدمير المجتمع اليمني.

 

هذه الحرب التي باتت سلاح الحوثيين في مواجهة النساء ابتداءً من منع الاختلاط في المقاهي، ومرورا بمنع سفر المرأة بدون محرم وانتهاءً بلبس المرأة وحجابها واختلاطها في أماكن العمل.

 

ولكي تكون تلك الشعارات واضحة للجميع انتقت جماعة الحوثي المسلحة والتي تسيطر على شمال اليمن منذ عام 2015 الجدران والاسوار التي تكتب عليها بعناية مركزة، حيث اختارت الأماكن التي تتواجد فيها النساء بشكل يومي كالمولات والجولات المكتظة بالمارين مثل (الجدار الذي يقع أمام سام مول، والجدار المقابل لمول العرب وكذلك الجدار الذي بجوار يمن مول إضافة الى جولة ريماس) وغيرها من الجدران التي أظهرت النساء اليمنيات وكأنهن لا يعرفن الحشمة رغم ان الغالبية العظمى مُحجبات ومُنقبات.

 

تعزيز ثقافة التحرش والعنف

 

لم تعد تلك العبارات المكتوبة على حيطان الشوارع هي نصائح كما يراها الحوثيون، بل عززت صورة نمطية عن المرأة واعتباراها فتنة تثير الغرائز ويشجع من التحرش والعنف الاسري، وهو ما تحدثت عنه سحر محمد "اسم مستعار " "إن ذلك الفكر الذي عَفَّى عليه الزمن ينشر التطرف والعنف ضد النساء" واردفت:" كما يصرح بالتحرش اولاً والعنف الاسري والقمع ويصرح للعنف والاقصاء في بيئة العمل لأنه أصبح توجه رسمي من قبل السلطة ".

 

وأكدت سحر أن التطرف الحاصل مدعوم من أطراف دولية ويدفع إلى تكريس الطائفية والتقسيم على أساس مذهبي.

 

تحريض ضد المرأة

 

العبارات الموجودة على الجدران، لم تحمي النساء من تطاول الآخرين بل فتحت النار عليهن حيث أصبح بعض الرجال في الشارع يلعبون دور الناصحين وهو ما حدث لغدير عندما باغتها أحدهم بالقول:" البسي النقاب يا عدوة الله " تقول غدير حسن "اسم مستعار" في حديثها مع (يمن فريدم): "بهذه العبارة واجهني أحد المارة عندما كنت اسير في شارع حدة رغم انني ارتدي لبس محشم وحجاب لا يظهر شعري " وأضافت " لم يروق لمثل هؤلاء حجابي والسبب يعود الى تلك الشعارات التي جعلت الرجال يتطاولون على النساء في الشوارع".

 

وتعد تلك الشعارات التي تملأ جدران صنعاء واحدة من أدوات التحريض ضد النساء وهو ما أكده المستشار القانوني ورئيس مركز حقي لدعم الحقوق والحريات لجنيف هاني الاسودي في حديثه لــ (يمن فريدم) الذي رأى ان ما يكتب على الجدران من شعارات، هي دعوة حقيقية للتحريض ضد النساء في مجتمع غالبية النساء فيها محجبات مضيفاً ان هناك مساعي الى إيجاد مبررات للاعتداء على النساء في المستقبل.

 

قال الاسودي: "نجد الآن أن الكثير من المعتقلات النساء في سجون الحوثي يتم توجيه تهم أخلاقية لهن وبالتالي هذا يؤكد مزاعم الحوثيين انهم يقوم باعتقال النساء اللاتي يقومن بمخالفات العادات والتقاليد ويحرضن غيرهن على القيام بهذه المخالفات" وتابع: "وبالتالي يوجد الحوثي مبررات لنفسه لهذه الاعتقالات التي تعد انتهاك كبير للقانون الدولي لحقوق الانسان فيما يتعلق بحقوق المرأة ".

 

حرب شرسة على النساء اليمنيات

 

وعلى نفس الصعيد اشتدت الحرب على النساء في الداخل وتابعت الجماعة تماديها لدرجة انها اجتمعت بخياطين العباءات وكان الاجتماع يشمل نائب وزير الداخلية والثقافة وأمين العاصمة والبحث الجنائي وجميعهم هددوا أصحاب المحلات بالتوقف عن بيع العباءات التي تخالف هويتهم الإيمانية، كما قاموا بوضع ضوابط للخياطة ليلبسوا النساء حسب مزاجهم وهو ما أثار سخط الكثير الذين رأوا أن هناك قضايا أكثر أهمية يجب التركيز عليها في بلد لا يزال يعاني ويلات الحرب.

 

ويرى الأسودي أن الحوثيين وبفرضهم قيود على حرية المرأة سوى حريتها في التنقل او القيود المتعلقة باللبس فهم يريدون إيصال فكرة لجهتين، الجهة الأولى المجتمع الداخلي حيث يريدون ان يظهروا بمظهر المحافظ على القيم والأخلاق، اما الجهة الثانية فهي الخارج الذي يريدون من خلالهم إيصال رسالة وهو ان هذه الاعتقالات التي يقومون بها انما هي مبررة لأنها تمس النظام العام والآداب العامة.

 

تراجع حقوق المرأة اليمنية 

 

ومع الحرب التي تدخل عامها الثامن لم تؤكد المؤشرات أن حقوق المرأة تتقدم على كافة المستويات، بل تراجعت مع الحملات الشعواء ضدها، وهو ما ظهر في التقارير الدولية المعنية باليمن والتي تحدثت عن مستوى حقوق المرأة اليمنية.

 

وفي هذه الجزئية يقول المستشار الأسودي إن تقرير لجنة مناهضة التميز ضد المرأة ذكر في استعراضها لنتائج اليمن في عام 2021 كشف تراجع اليمن في إعطاء النساء لحقوقهن منذ العام 2014 أي منذ انقلاب الحوثيين على النظام.

 

ودعا الأسودي المجتمع الدولي إلى عدم السكوت على تلك الانتهاكات، مشيراً إلى ضرورة وجود قرارات حاسمة لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ 52 وذلك بتصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية، لأن ذلك التصنيف حد قوله يحد من قدرة الحوثي واندفاعهم لارتكاب المزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان وخاصة الانتهاكات المتعلقة بالنساء.

 

وبالعودة إلى أرض الواقع سنجد أن المرأة وخلال السنوات العشر الأخيرة أصبحت تعاني من التهميش والإقصاء بالإضافة إلى حرمانها من الحقوق التي كفلها لها الدستور والتحريض ضدها باسم العادات والتقاليد والهوية الإيمانية التي باتت سلاح لمواجهة النساء في كل مكان.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI