بعد 22 قرارا وافق عليها المجلس الأعلى للاستثمار في مصر برئاسة، الرئيس عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء الماضي، أعلنت وزارة الداخلية منح المستثمرين الأجانب إقامة لمدة عام قابلة للتجديد، ما يثير تساؤلات عن انعكاس هذه الخطوة على الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد.
فقد أعربت الوزارة أن القرار يأتي "في إطار تيسير الإجراءات المتعلقة بتأسيس المشروعات الاستثمارية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للبلاد"، في ظل معاناة القاهرة من شح العملة الصعبة ما يزيد الضغط على سعر صرف الجنيه.
وأدى الوضع الاقتصاد المتردي في مصر إلى إعلان رجال أعمال كبار، مثل سميح ساويرس، بتجميد أي استثمار جديد في مصر.
يعتبر الأستاذ المساعد في الجامعة الأميركية، الباحث غير المقيم في مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط، عمرو عادلي، في حديثه مع موقع "الحرة" بأنها محاولة من الحكومة المصرية لجذب الاستثمارات الأجنبية، "وإن كان تأثيرها سيكون محدودا لكنها تبقى إشارة إلى أن هناك نية لتحسين مناخ الاستثمار في مصر، وتسهيل الإجراءات لمن يرغب في ذلك".
يشير عادلي إلى أن هذا القرار يأتي بعد أن تحدث رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، عن اتخاذ إجراءات من المفترض أن تكون جادة على صعيد السياسات أو الإجراءات التنظيمية الخاصة بإصدار الرخص الخاصة بتسجيل الشركات الجديدة.
لكن الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، يشير إلى أن "هذا القرار يأتي بعد أن أصبح الحصول على الجنسية المصرية للمستثمرين أمرا سهلا للغاية وبـ 300 ألف دولار فقط، فكان لابد أن يتم تسهيل شروط الإقامة".
وفي مارس الماضي، أصدرت الحكومة المصرية، قرارا يتضمن تسهيلات لمنح الجنسية المصرية للمستثمرين الأجانب مقابل شراء المنشآت أو الاستثمار في الشركات أو إيداع مبالغ مالية بالدولار، سعيا لجذب المزيد من العملة الصعبة، وفقا لما ذكرت وسائل إعلام محلية.
ويقول: "هذا القرار يأتي بعد أن انتهت مدة الإقامة، التي كان قد تم إصدارها في عام 2018، بحصول من يودع 400 ألف دولار على (إقامة لمدة) خمس سنوات، ولذلك فهذا القرار للحفاظ على هؤلاء المستثمرين ولضمان عدم إخراجهم هذه الأموال من مصر".
وأضاف أن هذا القرار أتى لإعطاء المودعين "فرصة لتعديل أوضاعهم أو منحهم فرصة لتقديمهم على الجنسية بمبلغ أقل مما أودعوه سابقا، مثل السوريين والليبيين الذين فروا من بلادهم وجاؤوا إلى مصر وأنشأوا مشاريع ونجحوا بالفعل في مصر، ولا تريد الدولة أن تخسرهم وأن يعودوا إلى بلادهم".
من جانبه، يقول عادلي إن "القانون الذي جرى تعديله وإصداره، في 2015، يتضمن بالفعل حوافز كثيرة سواء ضريبية أو غير ضريبية للمستثمرين الأجانب في قطاعات غير القطاعات التقليدية، مثل الغاز والبترول، لأن الغرض هو كمية الاستثمار الأجنبي وجذبه لقطاعات مثل الزراعة والصناعة وبعض الخدمات التي يمكن تسهم إيجابا في رفع معدلات النمو والتشغيل في الاقتصاد، بالإضافة إلى أنها تسهم في دخول عملة صعبة".
وأضاف "لذلك هذا القرار يمكن اعتباره ضمن محاولات جذب ما يمكن جذبه من عملة صعبة نتيجة الوضع الاقتصادي السيء الذي تمر به البلاد".
وتابع: "قد يساهم هذا القرار في مساعدة رجال الأعمال الصغار مثل السوريين المتواجدين بالفعل للحصول على إقامة من خلال إنشاء استثمار جديد".
وكان المجلس الأعلى للاستثمار، قد وافق، الثلاثاء الماضي، على 22 قرارا في مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية؛ تستهدف تحقيق نقلة نوعية في خفض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة على التأسيس، ومن الموافقات المطلوبة ومدة الحصول عليها، وتسهيل تملك الأراضي، والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية، ومجالات أخرى، بحسب موقع رئاسة الجمهورية.
لكن النحاس يقول إن "المستثمر الذي يسعى للحصول على جنسية أخرى، يبحث عن الميزة النسبية أو الحوافز التي ستقدمها هذه الدولة له".
وأضاف أن "السؤال هنا، ما هي الميزة في دولة يحاول الكثير من سكانها الهجرة إلى الخارج ويدفع بعض شبابها مئات الآلاف من الجنيهات للهروب بطريقة قد تكون نهايتها الموت مثل البحر؟".
ويرى النحاس أن "الدولة المصرية غير مستعدة أساسا لاستقبال أعداد أخرى سواء كانوا مستثمرين أو لاجئين، بعد موجة عشرات الآلاف من السودانيين الذين فروا من الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع".
وأضاف "ألا يحتاج هؤلاء لمدارس وجامعات ومستشفيات ومساكن، الدولة غير مستعدة لتقديم خدمات لكل هذه الأعداد في ظل أزمة البيروقراطية التي تعيشها مصر، نحن لسنا كالسعودية أو الإمارات اللتين لديهما موارد وإمكانات، أما نحن فحكومتنا تريد من هذا القرار الحصول فقط على بعض الدولارات لا أكثر".