يسعى كل إنسان لرسم أشياء كثيرة في مخيلته عن الحياة وطبيعتها وجمالها وكل ما يلهمه لبناء صورة أكثر إيجابية، وهو ما يفعله الرسامون على لوحاتهم كتعبير عن مرحلة مهمة في حياتهم وحياة أوطانهم. فالرسم على الجدران والألواح ليس مجرد ألوان وأشكال عابرة، بل لغة أكثر جمالية تعبر عما في نفس الرسام وتصل بأحاسيسه للآخرين لخلق حالة من الإيجابية والتفاؤل.
راوية محمد العتواني، شابة يمنية موهوبة وفنانة تشكيلية مبدعة، استطاعت في ظل الظروف التي تعيشها البلاد أن تحافظ على قدر كبير من موهبتها رغم العوامل البيئية المحبطة، بل زاد ذلك من براعتها في رسم ملامح كثيرة تعبر عن واقع من زوايا مختلفة.
تخرجت راوية من قسم اللغة الفرنسية، وانخرطت في مجال الرسم منذ العام 2014، وحتى الآن، وتمكنت من حفر اسمها على جدار الفن التشكيلي اليمني كموهبة شابة تعمل بنشاط وبتفرد استثنائي.
لم تكن راوية مجرد فنانة تشكيلية تمزج الألوان لتشكيل لوحة فنية فحسب، بل استطاعت أن تعبر عن كثير من القضايا والهموم التي أصبحت ملازمة للمواطن اليمني، وترافقه في مراحل كثيرة من حياته وتجاربه.
مواهب متعددة
وفي حديثها لـ " يمن فريدم" تجيد إلى جانب الرسم، الخط، النحت، والتصوير، ومع ذلك فهي لا تنتمي لأي مدرسة تشكيلية معينة، فقد تعددت تجاربها من خلال الممارسات الحياتية سعيا منها إلى تحقيق ما يميزها ويلامس مشاعرها الفنية، ولديها اهتمام كبير بالتراث والهوية اليمنية عامة، إلى جانب اهتمامها بقضايا المرأة اليمنية.
تسعى التشكيلية راوية أن يكون لها أثرا في مجالها وموهبتها، وتحرص على تترك بصمة خاصة بها في الفن التشكيلي اليمني، فهي ترى أن لوحاتها تترجم مشاعرها وارتباطها النفسي لكل ما حولها، وتقول راوية لـ "يمن فريدم": " الرسم رسالة مباشرة من الفنان إلى من حوله من المهتمين بالفن والابداع أولا، ولمن لديهم قضايا مختلفة ثانيا، وأن المهتمين سيفهمون مغزى كل رسمة على حِدة، ويقرأون الأفكار حسب نظرتهم دون الوصول إلى مغزى الفنان بذاته".
حضور في الساحة الفنية
شاركت راوية العتواني في (12) معرضا جماعيا داخل اليمن، وثلاثة معارض في الكويت، القاهرة، والرياض ولديها معرضها الخاص جمل عنوان "تلاشي" صدر عام 2020، وشاركت في العديد من حملات الشارع الفنية، وآخرها كانت جدارية والذي عن الحرب والسلام عام 2021.
وتقول إن لديها تجارب بسيطة في الترجمة الحرة، وقامت بعمل رسومات لكتاب نصوص أدبي بعنوان" اوكتافيا" للكاتبة "ليلى حسين" وشاركت في العديد من البرامج التدريبية، كبرنامج الابداع من أجل العدالة الاجتماعية بدعم من السفارة الهولندية، وبرنامج "مجداف 1ـ2 " بدعم من اليونسكو والاتحاد الأوروبي. كما أن لراوية ايضاً مشروعا خاصا يحمل اسم " سحارة" ويهتم بصناعة الحقائب اليدوية تعبر عن الهوية اليمنية.
رصيد فني
وتسرد الفنانة التشكيلية راوية العتواني لـ " يمن فريدم" عن ارثها الفني خلال السنوات الماضية وحتى الآن، وتمتلك منذ عام 2015 إلى الآن ما يقارب (110) لوحة فنية وتفضل الاحتفاظ برسوماتها لنفسها، لكن بدأت مؤخرا ببيع أربع لوحات فقط، لأنها ترى ذلك أمرا صعبا حد تعبيرها، وتفضل من يقتني لوحاتها أن يكون ذات احساس عميق لما تحتويه اللوحة من رسالة فنية وضع فيها الفنان كل مشاعرة وأحاسيسه.
أمنية راوية
وتأمل راوية كأي فنان تشكيلي المشاركة بأعمالها على نطاق واسع خارج اليمن، ويكون لها معرضها الخاص لتجسيد ما استنبطته من مشاعرها في تجسيدها للألوان والأشكال، حتى تصل لكل من يحس ويلمس مشاعرها كإنسانة وفنانة تستطيع من خلال لوحاتها ترجمة كل تلك المشاعر المدفونة لدى الفنان الذي بداخلها، وتكون الألوان والرسوم على جدران لوحاتها عبق يمر طيفه نحو الازدهار والانتشار الذي طالما سعت إلى تحقيقه.
راوية العتواني خلال مشاركتها في إحدى الجداريات بصنعاء.