عند النظر إلى المراكز البحثية التي تمول من قبل المانحين والمبالغ المرصودة لمساعدة اليمن نجدها أنها تحولت إلى بوتقة فساد وتصدر معلومات مكررة وغير مفيدة، يمكن أن نشهد تحديات جمة في الحصول على مصادر موثوقة وعلمية تعكس واقع الحرب المعقدة في اليمن.
يبدو أن بعض المراكز تعاني من قلة الشفافية والاستقلالية، وقد يتلاعب القائمون عليها بالمعلومات والأبحاث لخدمة أجنداتهم الخاصة أو لتلبية مصالح المانحين كمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أنموذجا.
واحدة من الأمور المثيرة للقلق هي تكرار المعلومات والأفكار دون إضافة جديدة أو تحليل متقدم. يجب أن يكون لدى المراكز البحثية دور في تطوير المعرفة وإنتاج بحوث أصيلة تسهم في فهم الأوضاع المعقدة التي يشهدها اليمن وتقديم رؤى تساهم في إيجاد حلول فعالة.
من الأمثلة السلبية التي ذكرتها عن مقالة حول المجتمع المدني خلال الحرب في اليمن تم نشرها لي شخصيًا في عام 2019، يبدو أن بعض المراكز يسعون لاستغلال الأعمال البحثية السابقة ونشرها تحت أسمائهم الخاصة دون تقديم أي إضافة جديدة وهذا ما تم فعلا حيث نشر أحد المراكز بعد سنة تقرير بنفس المعلومات والأفكار التي كتبتها ولكن بكلمات أخرى. هذا النوع من السلوك يؤثر سلبًا على مصداقية هذه المراكز ويشوب البحث العلمي بالشك.
علاوة على ذلك، تمويل المراكز البحثية يمكن أن يؤثر على استقلاليتها ومصداقيتها. إذا تم تمويل هذه المراكز من مصادر ذات أجندات استخباراتية وسياسية أو تمويلها بشكل غير شفاف، فقد يؤثر ذلك على جودة الأبحاث والتقارير التي يقدمونها كونهم قد يكونون جزء من اقتصاد الحرب الفكري والبحثي.
من الواضح أن هناك حاجة ملحة لتعزيز الشفافية والمهنية في المراكز البحثية والجهود لتعزيز معايير الجودة والشفافية في المراكز البحثية. ينبغي أن تكون هذه المراكز مكانًا للتفكير الاستراتيجي وإنتاج البحوث المبتكرة التي تعكس الواقع الحقيقي للحرب وتساهم في فهمها وتطوير حلول فعالة.
من المهم أن تعمل المراكز البحثية على تعزيز النزاهة والاستقلالية في عملها، وضمان أن المعلومات والأبحاث التي ينشرونها تستند إلى منهجية علمية قوية وتحليل موضوعي. يجب أن تكون لديهم إجراءات صارمة لضمان جودة البحث ومراجعته قبل النشر.
علاوة على ذلك، يجب أن يكون هناك تعاون مستدام مع المجتمع الأكاديمي والمنظمات ذات الصلة لضمان التنسيق وتبادل المعرفة. يمكن للمراكز البحثية تحقيق ذلك من خلال تنظيم ورش العمل والمؤتمرات والندوات التي تجمع الخبراء والباحثين لتبادل الآراء والخبرات.
في النهاية، يجب أن تسعى المراكز البحثية إلى تحقيق معايير عالية من الجودة والنزاهة والمصداقية. ينبغي أن تكون هذه المراكز مرجعًا هامًا للمعرفة والتحليل فيما يتعلق بالحرب والصراعات، وأن تقدم توصيات وحلول قائمة على الأدلة القوية والتحليل العلمي المستنير.
(من صفحة الكاتب في فيس بوك)