29 سبتمبر 2024
7 يوليو 2023

 

لا تتعجل في البحث عن إجابة ولا تجهد نفسك بمثل هذه التُرَّهات، فقد أسقط عنك وزرك وجبر لك شوقك، وأضحت أركان إسلامك تامة غير منقوصة إن لم تؤده لعجز كان أم فقرا،  لذا عزيزي وعزيزتي لا تلتفت ولا تنساق وراء ما قيل أو شاع على مدى يومين. 

 

خاصة وأنني لم أجد في أطروحة المذيعة النابغة براءة فيما أبدت من تفاعل مع ظاهرة الميتافيرس والحج عن بعد ومناسك الـ"فايف ستارز"، فما بين التضحية بالطير والإغناء عن لحوم البقر بالأموال، ومزاعم حاجة الفقراء والتحايل على الشرع الحنيف بما ذهب إليه ابن حزم الظاهري وما قيل من خلال المنابر الحديثة أمر يدعوا للتدبر عما يحاك بليل ويجهر به بالنهار. 

 

بررت الإعلامية موقفها من ميتافيرس الحج أنه أطروحة قد ترد في ذهن صغار العالم الإسلامي الذين سيجدون أنفسهم وسط تعاطٍ عالمي مع الميتافيرس الفيسبوكية والسوشيالستيه بشكل أو بآخر يجعلهم يتحررون من عباءة المكان، فبالإمكان الولوج إلى ما تريد دونما حاجة لأن تقتطع من الوقت ما يفوق بضع دقائق، وهو أمر محمود سياحياً لأبناء جيلي ممن مكنتهم الأبعاد الثلاثية من رؤية المعابد والمزارات في أرجاء مصر والعالم عبر الشاشة الصغيرة. 

 

لكن المسألة لم تعد أبعاداً ثلاثية أو خماسية فما فوق، تعدت ذلك إلى القول بالحلول والتناسخ والتحاور والتفاعل، ليصل الأمر بخياله الواسع عن إمكان أداء المناسك بمجرد أن يرتدي المسلم نظارة الميتافيرس المبرمجة ويجد نفسه أمام المشاعر المقدسة فيلبي ويكبر ويصعد عرفات ويطوف سبعاً ويرجم حجراً ويقصر فرضاً. وأنَّ له ذلك وهو من وجد تيسيرا يذلل معاناة" بيزنس الحج". 

 

كانت الأطروحة في نظري مستساغة ومقبولة في برنامج ديني ليست له أبعاداً وميولاً واسقاطات أخرى فيكون الطرح-كأنه وجهة نظر- وبراءة أطفال لن يكون مبرراً لديهم أنه اتباع وأنه مفروض هكذا، هم متمردون- حسبما رأت، لن يقبلوا قولاً جامداً- وفقما توقعت، ولي عدة تساؤلات ربما كان الأجدى طرحها في الحلقة لتكون متكافئة، أهمها ماذا لو استحكم الميتافيرس في حياة الناس؟ 

 

وقد أجد الأمر في صفاء سريرته يتطلب أن يكون السائل غير المتبني لوجة (ما نحتاج إليه يحرم على الجامع) باحثا عن موقع المشاعر الإنسانية وهي تتفاعل مع رؤية المقدسات عن بعد كما لو كانت في محرابها، وهنا قد أجد الحلقة في حاجة لمن يثير الجدل أكثر منه عالم متزن خرج من الفخ الذي نُصب له بذكاء منقطع النظير، ولو أن دهاء الإعلامية كان موفقا لكان لها أن تبحث عن مشاغبي الفقه وما أكثرهم ليجعل من الميتافيرس سُنة العصر الجاهلي الأول أو فقهاً ظاهرياً أو حكماً لا غبار عليه كما كان في نظيرتها من حديث موضوع عن "ديك بلال"أو" فرخة هارون". 

 

وأما عن السؤال فهو بلا شك ليس حراماً بطبيعته، فإن التدبر مأمور به المسلم وغير المسلم ليزداد يقينه في صلابة هذا الدين، إلا أنه بالتبعية لا يعني أن يكون السائل مستصغرا لأن يكون الجواب في بعض المواطن «تلك حدود الله» فإن البحث عن العلة والحكمة تتعارض فيها مع الإيمان والتسليم، كما أنه حري بمن يسأل أن يتدبر ويعقل قبل أن يطرح مسألته، فليست بالضرورة أن يكون منساقاً وراء شهواته وحديث نفسه بأننا قادرون على صناعة "التريند". 

 

وختاماً فإن الحديث عن الأطروحات الدينية في الإعلام لا يجب أن تستمر فوضويته أو أن يتعاطى معه غير مختص، فإن" التريند" له فنونه والدين له أصوله وكلاهما لا يستقيم بالجدل في وقت عزا فيه الفلاسفة أو أرباب العقول، فسبحان من كان رؤوفاً رحيماً بنا، فبينما يفرط البعض في الحديث عن مصلحة الفقراء ويذهبون به كل مذهب كان آخرها الحج الإفتراضي، عليهم أن يعلموا أن الحج كان وسيكون وسيظل فريضة لمن استطاع إليها سبيلا، كما أن رسولنا الكريم قد سن لنا من الأعمال الصالحة التي تعدل ثواب الحج والعمرة مما يهون ويجبر به خاطر الفقراء والضعفاء من أمته، فأين وسائل الإعلام من الحديث عنها وتوضيحها دون رڤث أو فسوق.

 

الهاشتاج
الحج الإسلام
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI