21 نوفمبر 2024
6 أغسطس 2023
يمن فريدم-خاص-إلهام الفقيه

 

غيّرت الحرب التي يشهدها اليمن، منذ ثمان سنوات مظاهر الحياة، خاصة عند الأطفال، فقد خلقت واقعًا مأساويًا انعكس سلبًا على الحياة الطبيعية في البلاد، وكان القتل العنف وحمل السلاح أحد المظاهر التي سرعان ما طغت على عقلية الأطفال وجعلتهم يميلون لمثل هذه السلوكيات.

 

مع سنوات الحرب تزايد تفاقمت ظاهرة الألعاب القتالية بين الأطفال، وأصبحت تشكل خطرا حقيقا على الأطفال من الناحية الجسدية والنفسية، وتكسبهم سلوكيات عدوانية، ويترجمونها إلى الواقع مع الآخرين.

 

وخلال ثمان سنوات ظهرت ألعاب مرتبطة بالحرب، ما دفع كثير من الأطفال للبحث عن العاب تحاكي واقع الحروب، كالبنادق والمسدسات المستوردة "مسدسات خرز" والطيران المسير أو البنادق الشكلية المصنوعة محلياً، أو الالعاب القتالية الافتراضية والإلكترونية، لعبة القتال أو لعبة الجنود كـ "حرب القارات، الببجي، الفتوح، حروب النار، حرب الشوارع"، جميعها عملت على تنامى ميول الاطفال للبحث عن العاب الحروب والأسلحة كبديل لألعاب التسلية ك "المزرعة السعيدة، والانمي، والعاب سباق السيارات والحيوانات.

 

دوافع

 

تنعكس تلك السلوكيات السلبية على سلوك الأطفال وتتحول إلى ظاهرة سائدة بين الغالبية من الأطفال في فئات عمرية مختلفة.

 

وفي هذا الجانب يقول استاذ علم الاجتماع بجامعة تعز الدكتور ياسر الصلوي إن "أوضاع الحرب من حولهم يؤثر على توجهاتهم وسلوكياتهم، مع انتشار المظاهر المسلحة في كل مكان، الأطفال عاصروا هذه الفترة لذا ينظر الأطفال إلى أن من يحمل السلاح يمتلك القوة، لذلك هم يتأثروا بالأوضاع التي يشاهدونها إلى أرض الواقع، فيحاولون أن يتمثلوا بتلك المظاهر والسلوكيات".

 

ويعتبر الدكتور الصلوي "أن ثقافة المجتمع اليمني ثقافة تمجد من يحمل السلاح ويتعامل به كل ذلك ينعكس على سلوكيات الأطفال للبحث عما يعتقدون أنه يعزز قوتهم ومكانتهم في المجتمع، بالإضافة أن الأسر تلعب دورا كبيرا في تعزيز تلك الثقافات وعندما تذهب الأسرة لشراء لعبة لأطفالهم تذهب لشراء الأسلحة وما يشابهها لان ذلك جزء من ثقافة اليمني وهويته".

 

ويشير إلى أن الالعاب الإلكترونية القتالية المنتشرة عززت من سلوكيات الأطفال، معتقدا "أنه يمكن الحد من تلك الظاهرة من خلال تخفيف المظاهر المسلحة في الشوارع وحرص الأسر الآباء توجيه سلوكيات الأبناء بالإضافة لحملات توعية لتجاوز هذه الثقافة".

 

آثار ومخاطر

 

مع هذا الخطر يبرز الدور الكبير للأسرة في التعامل مع واقع العنف الذي يكتسبه الأطفال من الألعاب القائمة على العنف والسلوك العدواني، وتظهر الحاجة للقيام بأدوار أسرية مشتركة تقوم على حماية الأطفال من هذه المخاطر وتوعيهم من اللجوء لمثل هذه الممارسات.

 

محمد صالح إب لطفلين يقول: "إن مشكلة الألعاب انتشرت بشكل كبير جداً في السنوات الأخيرة، بسبب اعجاب الأطفال بتلك الألعاب. اما عن أطفاله، يقول" إن مع كل عيد جديد، يذهب الأبناء إلى محلات الألعاب، لكي يشتروا ألعاب جديدة، وتكون عبارة عن مسدسات مستوردة، أو بعض الأحيان يكون المسدس مصنوع يدوياً".

 

وأشار إلى "أن الأطفال يمارسون ألعاب القتال بشكل شبة مستمر، مع أطفال الحارة، موضحاً أن ابنه (علي) في العيد قبل الماضي أصاب أحد الأطفال، من مسدسه المستورد، في عينه اليسرى، لكن كانت غير قوية".

 

أنشطة تحارب إدمان الألعاب

 

ومع اتساع ظاهرة الألعاب القتالية هناك حاجة ملحة لإيجاد أنشطة وفعاليات بديلة تصنع بيئة آمنة للأطفال تضمن لهم اللعب بعيدا عن الأنواع الخطيرة من هذه الألعاب، وهنا يمكن دور المنظمات المدنية المعنية بسلامة الأطفال، والتي تشكل عاملا كبيرا في الحد من انتشار الألعاب القتالية والحد من استخدامها لدى الأطفال.

 

كما أن عامل التوعية والتثقيف لدى الأسر حول المخاطر المحتملة للألعاب القتالية على الأطفال، له انعكاس إيجابي إلى حد كبير يضمن التقليل من هذه المخاطر، وتتزامن هذه التوعية منع أنشطة متنوعة تحذر من الآثار السلبية للعنف، وتواجه إدمان الأطفال على ممارسة هذه الألعاب.

 

ويرى مدير منظمة سياج لحماية الطفولة أحمد القرشي " إن الألعاب القتالية في حياة الأطفال اليمنيين اليوم هي انعكاس للحالة النفسية والاجتماعية والثقافية السائدة في البلد، فالحرب انعكست بشكل واضح على حياة الأطفال، فالعنف والتنمر والعدوانية، كل هذه الصفات التي نلاحظها على الأطفال والتي من أهم مؤشراتها، محاكاة الالعاب القتالية، مثلاً تلاحظ الاطفال ينجذبون إلى ألعاب تحاكي الحرب والصراع، من استخدام البنادق والمسدسات المائية والخرز أو غيرها".

 

ويضيف في حديثه لـ "يمن فريدم" "أن لمثل هذه الألعاب انعكاسات خطيرة ليس على الجانب الجسدي فقط بل على الجانب النفسي للطفل والسلوكي، فهي تنمي لدى الطفل حالة من العدوانية حالة من التنمر واللجوء إلى العنف كوسيلة لحل المشكلات الداخلية، هذه كلها ستصاحب الأطفال وستنعكس على مراحل مختلفة من أعمارهم، فنعمل نحن في المنظمة على جانب التوعية والحماية القانونية، لكن أنشطتنا محدودة، لأن هناك ممانعة من المجتمع ومن أطراف النزاع في اليمن ".

 

دور الجهات الرسمية

 

تلعب الجهات الحكومية المعنية دورا مهما لمواجهة الألعاب القتالية المنتشرة بين الأطفال، ويمكن لها أن تقدم لهم الحماية من خلال وضع تشريعات وقرارات نافذة وصارمة تنظم بيع وتوزيع الألعاب القتالية وتحدد الحد الفئة العمرية المناسبة للتعامل معها، ويضاف إلى ذلك فرض رقابة للأسواق، وهو ما ينبغي على الجهات الحكومية القيام به لضمان عدم توفر الألعاب القتالية غير المناسبة أو التي تتجاوز المعايير الأمنية، وهذا الدوري لا يمكن أن تحدث بمعزل عن الدور المجتمعي.

 

وتعليقا على الدور الرسمي أشار مدير مكتب الصناعة والتجارة بتعز، مصطفى الأديمي، في تصريح لـ "يمن فريدم" متعجباً عن كيفية السماح باستيراد مثل هذه الألعاب المؤثرة على سلوك الأطفال وهل يتم طلبها بطريقة قانونية رسمية أو خلاف ذلك ثم عند وصول أي كمية مستوردة.

 

ولفت في تصريحه إلى وجود مكتب المواصفات والمقاييس بالميناء والذي يعتبر خط الدفاع الأول لأي سلعة تصل إلى الأراضي اليمنية وأي سلعه غير مطابقة للمواصفات ومنها الألعاب القتالية للأطفال والليزر وغيره، على حد قوله.

 

وقال الأديمي " نحن بالمكتب نرحب بأي شكوى تقدم إلينا ونتفاعل معها فنحن نأخذ الاحتياطات اللازمة، فلدينا مندوبين للصناعة والمقاييس بنقطة الهنجر في تعز يتم من خلالهم رصد وضبط مثل هذه الألعاب وإن وجدت بعضها بالسوق فلربما تدخل عبر وسائل نقل خاصة".   

 

وأضاف أن العملية تحتاج التشديد أولاً على رقابة المنافذ ومنعها ثم عند دخولها الأسواق، وتكاتف الجهات الأمنية مع الجهات الرقابية للاختصاص المشترك، ويشدد على ضرورة وجود دور وإسهام لمكتب التربية والشباب في ذلك ودور التوعية عبر الأسرة والمدرسة وحماية المستهلك والصناعة والتجارة.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI