7 يوليو 2024
2 أكتوبر 2023
يمن فريدم-خاص-ريا المزاحمي
صورة تعبيرية

 

"الألم الحقيقي أن تكون لك أسرة بلا سند" أعيش مع أولادي الاثنين في بيت أهلي، لكني حقا أعاني.. تتشحرج كلمات "نور" بعبرتها وهي تسرد قصتها الحزينة. موقف أب من فقر شاب يقتل سعادة أنثى، ويشتت شمل أسرة كاملة تقول "نور" : "أعيش مع أولادي الاثنين في بيت أهلي، لكني أعاني كثيرًا، فتخيل أن تكون لك أسرة بلا سند ولا معيل، تعيش على رحمة وصدقة الآخرين، وأن كانوا أهلك، مافيش مثل الأب عندما يكفل أسرته".

 

وتضيف" عندما كنت شابة تقدم لخطبتي زميلي الذي يدرس معي بنفس المدرسة، ويسبقني بصف، لكن أبي رفض منه بحجة أنه طالب بلا وظيفة، عارضت أبي، وتدخل الأهل؛ ليراجعوا أبي وأن الفقر ليس عيبًا، وأن الله سيغني الفقراء من فضله وأن "ياسر" سيوافق على كل الشروط، لكنه رفض قطعا وهدد الأخير بالقتل. سافر "ياسر" خارج الوطن، أما أنا زوجني أبي من شاب يحمل الجنسية الكندية، كانت حياتي تعيسة معه؛ لأنه ما تعاشرنا أبدا، كان مغرور بماله لا يحسب لكلامي حساب، يقضي ليلته بمراسلة البنات، واخر مرة ضربني ورحت بيت أهلي ومن ثم هو سافر إلى كندا، وارسل لي ورقة الطلاق، وأنكر أطفاله، مع أن البنت الأخيرة عمرها ثلاث أعوام، إلا أنه عمره ما قط اعترف بهم أو رسل لهم مصروف".

 

نفس المعاناة

 

تقول بشرى "ارتبطت بشخص عن طريق صديقتي في المدرسة، كان مستواه المادي لا بأس فيه، لكنه طيب جدا، مضت ثلاث سنوات على ارتباطنا، وتعلقت به كثير، فبرغم ضعف إمكانياته إلا أنه يوفر ما اطلب منه، في أحد الأيام أخبرني أبي بأنه شاب ما منه فائدة، وأني سأعيش معه حياة نكدة، وعرض علي الزواج بابن شريكه في المحل، رفضت قطعا وأخبرته بأنه بالعرف لا يحصل هذا، وأن هذا خيانة، قضب أبي كثيرا، واتصل به وانهى علاقتنا نهائياً، وأمرني بالقبول بابن شريكه وهذا ماتم".

 

وتضيف"أدمن خطيبي الأول المخدرات وتدمرت حياته، حتى قتل في 8حزيران/يوليو 2020 بأحد جبهات القتال، أما أنا فقد رجعت أكمل دراستي الثانوية؛ بعد أن تطلقت بعد سنة من زواجنا الفاشل".

 

يعاني المجتمع مؤخرًا من فروقات طبقية بعد انهيار الوضع الاقتصادي؛ بسبب الحرب، فقد تدمر مستوى بعض الأسر اليمنية، حتى لجأت إلى أخلاقيات غير سوية؛ دمرت النسيج الاجتماعي، وقتلت البساطة التي كان يعيش الناس عليها بسلام، ولم يوقف الأمر هنا بل تعدى إلى التغافل بمبادى الإسلام ووصايا الرسول -ص- عندما أوصى بشروط اختيار الزوج، والزوجة.

 

وهنا يؤكد مدير عام الشكاوي والبلاغات في وزارة حقوق الإنسان "عماد سنان" لـ"يمن فريدم " أن الحرب هي المسؤول الأول عن كل الآفات والتغيرات التي يشهدها المجتمع من فروقات طبقية، وانهيار للمستوى المادي وظهور معاملات غريبة في الأسرة، وغيرها من ظواهر القتل والجرائم. فالحرب دائما ما تفرز مخلفات سامة يتسمم بها المجتمع؛ فتتلوث مبادئه".

 

وبنفس السياق تتحدث رئيس إدارة المرأة في مديرية تبن "نعمة الدولة" " أن هناك تراجع أخلاقي وثقافي عقب الحرب في المجتمع، الزواج أصبح بما يشبه التجارة، وأصبح الناس لا يهتمون بحسب ولا نسب ولا دين، بل صارت تهتم بالمال والمستوى الثقافي والمادي".

 

وتضيف "أصبحت العنوسة والطلاق يشكلان 70%؛ بسبب ظهور العادات الغربية باختيار الأزواج، وغلاء المهور التي ظهرت مؤخرا.

 

تأثير الحرب على ضحايا الارتباط تبلغ بذروتها الجريمة

 

في شباط/فبراير من العام 2020، في أحد أرياف محافظة لحج، ينتحر الشاب "سامي" (32عاما) قتلا بالرصاص في المعسكر الذي يعمل فيه، بعد أن رفض عمه أن يزوجه ابنته التي ارتبط بها أكثر من ست سنوات.

 

دائما ما تكون الحرب ضد السلام، فهي رحم الآفات المجتمعية فمنها يولد الدمار البيئي والمجتمعي، ومنها تتسع ساحة الجرائم ليتصدرها الإنسان.

 

 سهلت الحرب للشباب الحصول على السلاح، في ظل انفلات أمني وانهيار اقتصادي، وهو ما يشاهده المجتمع من حوادث في منتصف العام الحالي.

 

تتكرر المأساة في قصة الضحية "فاطمة عبده"(21عاما) ضحية "توب سنتر"، هذه الجريمة البشعة التي شهدتها عدن في، 1آب/اغسطس من العام الحالي، عندما وجه الشاب م.ر.م طعنات خنجره في ظهر زميلته "فاطمة" ليترك الخنجر بكل وحشية وسط عينها. وبعد تحقيقات اتضح من القصة أن الشاب م.ر.م تقدم لزميلته فاطمة عدة مرات وتم رفضه.

 

في قصة أكثر بشاعة، يتخلد الموقف نفسه مع "ص. ق" و"ر.ص" في أحد قرى مديرية الملاح، فعندما تقدم "ر.ث" ل"ص.ق" من يد أباها قوبل بالرفض، الأمر الذي جعله يتقدم إلى عم الفتاة شارحاً له القصة، وأنه يريد الزواج من ابنتهم، وأنه مستعد لأي تكاليف وطلبات، حتى تتم تصفيته من قبل عم الفتاة، ويتم تصفية الفتاة من بعده لأسباب غامضة، لم يجروا أحد على تحري الموضوع لكونهم أسرة ثرية لها علاقات ونفوذ.

 

تتضاعف جرائم القتل باسم الارتباط في وسط بيئة حاضنة للعنف والنزاع المسلح، فهناك الكثير من القصص التي كانت نهايتها مأساوية، ماكان يشهدها المجتمع من قبل الحرب إلا نادرًا.

 

ويرجح مختصون أن الحرب هي السبب وراء كل الجرائم؛ فلولاها ما كان للمواطن أو لشاب اليمني الحصول على السلاح القاتل، فقد وصل الأمر إلى استخدام نوعا متطورا من الأسلحة، وهذا ما حصل في 16آب/أغسطس من العام الحالي، في حادثة أشد بشاعة، حيث أقبل رجل من سكان مديرية دار سعد بتفجير قنبلة يدوية كانت في حوزته بنفسه وزوجته مما أدى إلى وفاتهما الاثنين معًا.

 

تقول المواطنة "كريمة علي": "لولا الحرب ما كانت لهذه القنبلة اليدوية وجود في دار سعد بأكمله، فنحن لا نعرف السلاح إلا بعد الحرب، أصبح السلاح في كل بيت وفي يد كل فرد وهذا أكثر خطرًا من حرب القتال المسلح".

 

" الخطر الأكبر هو انتشار حمل السلاح في يد صغار وكبار السن، فظاهرة انتشار السلاح منتشرة بشكل غير طبيعي، كذلك انخراط المراهقين في جبهات القتال؛ صورت لهم بساطة القتل، واصبحون يرون القتل شيئاً عاديا، يلجأون إليه عند أبسط مشكلة، بل ويرونه علاجا أو حلا للمشكلة وهذا كله يصب في قالب واحد الا وهو الحرب". يؤكد سنان.

 

 تصاعد الجرائم باسم"الارتباط"يوما بعد آخر، يثير جدلا بين أوساط المجتمع والفئات الاجتماعية مختلفة المستوى الثقافي، حيث أن الكثير يرى بأن الحب بريء من هذه الجرائم وأنها من دوافع الحرب والوضع المتشعب الذي تمر به البلاد في الاونة الأخيرة، أضف إلى ذلك بعض الأمراض  النفسية والجهل والتي أيضا كان للحرب دور كبير في إبرازها وتطورها. فعمليات القتل واستباحة الدماء المتتالية بدافع "الإرتباط" يعتبر جريمة إنسانية بشعة، حيث أنه يوجد هناك سلوك سوي وهو الافتراق بالمعروف، في حالة الزواج، أو فسخ الخطبة، أو صرف النظر عن مشروع الإرتباط، عندما لا توافق الفتاة بذلك.

 

ورغم أن الخيار الثاني هو الخيار السلمي والعقلاني، الذي يخلو من الدماء والدمار، إلا أنه كما يشير بعض علماء النفس هو خيار الشخص الواعي والعاقل، والبلاد التي تنعم بالسلام، وأن الأقدام على الخيار الأول برأيهم -القتل والدماء- دليل على خلل نفسي وعقلي.

 

ولأن المجتمع اليمني مجتمع ذكوري  يمجد صورة الذكر، مما جعل الأخير يتميز بصفة دكتتورية في تملك المرأة، والطرف الأضعف وأحيان بكسر جناحهما تزامنا مع الحرب القاتلة.

 

وفي كتاب نُشر من قبل مجموعة من الأطباء النفسيين بجامعة أكسفورد تحت عنوان "باسم الحب: التفكير الرومانسي وضحاياه"، يفسر إلى أن قتل الرجل للأنثى التي يحبها، دائما يشير إلى التملك الذكوري، أو تطور طبيعي للسلوك العنيف من قبل الرجل، حيث وإن الأخير قد ساعدت الحرب في تطويره.

 

الحرب والسلاح.. القاتل الخفي

 

على الرغم من رفض المجتمع للمخدرات، وتجارتها، إلا أن الأخيرة منتشرة بشكل مخيف، حيث وإن البلد تمر في مرحلة صراع مستمر متعدد الأطراف والسياسات. وبما أن البلد يمتلك موقع استراتيجي وموانى بحرية يسهل عمليات دخول هذه المواد.

 

ويرى مدير عام التخطيط والمتابعة بوزارة حقوق الإنسان في اليمن، أمين المشولي، أنه لا مبرر في عملية القتل وازهاق روح الإنسان أو ممارسة أي عمل إجرامي، مهما كانت الظروف والمسببات سوء كانت اقتصادية أو أخلاقية أو عاطفية، وأن هذه الأعمال الإجرامية التي نراها اليوم ماهي إلا نتاج انتشار وأدمان المخدرات على حسب قوله.

 

وأضاف "المشولي" لـ" يمن فريدم " قد تتداخل كثير من العوامل والأسباب لكن في علم الاجرام لايوجد دوافع تكون اسبابها عاطفية. ومن الملاحظ ان طرق القتل الأخيرة كانت بشعة .وتفسيري الوحيد ان هناك اسباب ودوافع أخرى؛ وهي أن المقبل على عمل إجرامي بدافع الارتباط يعيش تحت تاثير مخدرات أو منشطات وهي منتشرة بكثرة بين أوساط الشباب في البلاد المنكوبة".

 

وتابع " إن طريقة القبض على قاتل الضحية "فاطمة عبده" وهو لا مبالى عند الجامعة اللبنانية -يعني لم يفكر في الهروب- ولا عنده خوف مما قام به، وهذا يعكس أن الشاب يعيش تحت تأثير الشبو، وربما التحقيات تظهر دوافع أخرى ".

 

تختم نور حديثها لـ "يمن فريدم" بعد 2015  تغيرت ظروف البلاد، ولكوننا نساء كان التأثير علينا أقوى. فدائما عندما تتدخل النظرة المادية، والفروقات الطبقية في الزواج، وتكون مستوى لتحديد الزواج؛ يفشل الزواج قطعا، فأنا عانيت من هذا، وعلى الرغم من أني أحمل شهادة دبلوم مساعد طبيب إلا أن زواجي المبني على نظرة مادية، دمر لي كل شيء حتى ثقتي بنفسي".

 

بعض الأسماء الواردة فيه مستعارة.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI