كان صالح في نفس جبهة صنعاء ضد العدوان، فقتلوه، وقمعوا ولاحقوا أنصاره، واستباحوا بيتوهم وأملاكهم وحقوقهم، حتى صارت الكراهية في صنعاء أكبر من الحرب؛ فخسرت اليمن، وخسر الوطن، وكسب الأنصار صوتهم الواحد في صنعاء والمدجج بالنار والاستفراد والاستبداد.
نجح بن سلمان فيما وعد به من شق جبهة صنعاء واحترابها وتم إضافة حامل جديد ضد الأنصار، فيما فرح الأنصار وظنوا أنهم أزاحوا منافس قوي لهم، ولكن في الحقيقة تصدع الصف ووهن، وتعمق الانقسام، ولم يظف لمن استفرد بالسلطة غير مضاعفة الفساد والانتهاكات والكراهية، وتوحش التخلف على نحو لا سابقة له
طارق كان معهم؛ يشد أزرهم ولا يضرهم، ولكن أبت الأنانية أن يكون لها منافس حليف، فقتلوا عمه، وبحثوا عنه ليقتلوه، ولكن عدوهم كان أكثر ذكاء منهم؛ ففتح له الأبواب، وأناط به دورا لا نتحدث عن صوابه من عدمه، ولكن التاريخ لا ينتصر للمغفلين الذين يصيبون خرم الإبرة ويخطئون البعير.
ومع الأيام وجدوا طارق يقود العدة والعدد، في أخطر الجبهات ضدهم، بعد أن كان في جبهتهم يقاتل.. وبات هو الأكثر خطرا على حكمهم، والقلق منه لا يبارحهم، ويزرع الخوف فيهم من مستقبل ربما ينقلب في غفلة زمن ضدهم، فيكون الوريث الأول أو الثاني لنظام حكمهم.
أعضاء مجلس النواب كان ما يقارب الأغلبية في صنعاء، فضيقوا عليهم الخناق، ومارسوا كثير من الإذلال والاحتقار والتطفيش ضدهم، حتى غادر أغلبهم إلى الخارج، وفقد الأنصار "شرعية" كان يتوكؤون عليها، وفقدوا ما كان ينبغي أن يحافظوا عليه، وحتماً في الغد المنظور سيستفيد غيرهم من هذا المآل.
وحتى البقية الباقية من أعضاء مجلس النواب في صنعاء، لازالوا إلى اليوم يُمارس ضدهم سياسة الإخضاع والإذلال والتطفيش، وكأن هذا الأمر يجري بعلم ورضى عدوهم، وهم يعملون لصالحه بكل همة ونشاط ومثابرة.
واليوم يؤلبون على ما بقي في صنعاء من حزب المؤتمر، ويحرضون على رئيسه أمين صادق أبو رأس، ليزيحوا ما بقي من عناوين وشراكة لم تعد في الواقع قائمة، ولن يبقى لهم فيها صديق أو حليف، وسيجدون أنفسهم في عزلة من الجميع، ولن يصنعوا فارقا غير مزيدا من الفساد والقمع والانقسام والعزلة الموحشة
أحمد علي ساكت ولا كلمة من سنوات طوال، وكان هذا يكفي، ولكن بدافع الخوف دفعوا محمد العماد وهويته، الأداة الإعلامية المناط بها تنفيذ الأدوار الأكثر قذارة وفجور؛ ليزيد تنفير الناس منهم، ويضيف ضدهم مزيد من العداوات والخصوم الجدد، وفي المقابل يضيف لخصومهم مزيدا من القوة والائتلاف ضدهم
ضاق أفقهم وتعاطيهم مع الأخر كان رأياً أو حزباً أو مذهباً أو معتقداً أو طائفة، حتى صاروا في غربة موحشة ومتوحشة، يستجرون الماضي الذي لن يعود، والصراعات التي يعيدون إنتاجها لتعود إلى نحورهم بمزيد من التوحش والانتقام والعزلة والغربة عن العصر.
بات الإقصاء الذي يمارسوه بحق المواطنة وبحق الآخر، وبحق الوطن، سياسة عريضة لا تخلوا من إذلاله واستعباده وإفقاره، وهذه السياسة لن تضيف إليهم إلا مزيد من الضعف والوهن، وكثيرا من العزلة وعدم المشروعية وتقوية الاصطفاف المضاد.
فشلوا في تقديم أي شيء للناس خلال ثمان سنوات طوال غير الحروب وتمزيق المجتمع، والهدن الغير عابرة إلى سلام يدوم، بل وتزيد فيها المعاناة، والتخلي المستمر عن احتياجات الشعب الملحة، وعدم تبني قضاياه إلا من قبيل المناورة والسياسة، وتقديم أجندات ومتطلبات الجماعة على احتياجات الشعب.
وفشل الجماعة في إيقاف التدهور المعيشي للمواطنين، وانتهاج سياسة الإفقار والجبايات المتوحشة، والغلبة والإكراه الدائم، وعدم تحقيق فارق يذكر رغم الهدن التي تطول، ولا تولد إلا مزيد من اليأس والفشل، لا يعني إلا الرحيل، وقد فقدت الجميع بأنانيتها المفرطة.
"من حساب الكاتب في تويتر"