تملك مدينة تريم اليمنية مكانة كبيرة في تاريخ الحضارة الإنسانية والتاريخ الإسلامي. المدينة تتميز بشيوع العمارة الطينية منذ القدم، إضافة لتعدد معالمها الأثرية، وكثرة المساجد فيها.
مدينة يمنية أثرية، يقدر عمرها بنحو ستة آلاف عام. إنها المدينة العظيمة، بحسب وصف الهمداني لها في كتابه صفة جزيرة العرب، هي إذن مدينة تريم الحضرمية، حيث ما وليت نظرك في تريم، تجد البيوت الطينية، ويمكن القول إنها مدينة بنيت من الطين، وقد اعتمد الحضارم على هذا النوع من البناء، لدوافع مرتبطة بقلة تكاليف التشييد والترميم، إضافة لأسباب بيئية ومناخية.
وقال أحمد باحمالة مندوب الهيئة العامة للاثار في تريم لكوردستان24 "تستطيع أن تعيش دخل هذه البيوت في المناخ الحار والبارد، في فترات الحر، تمتص البرودة وتعزل الحرارة وتجعل درجتها داخل المنزل أقل مما تكون عليها في الخارج، وهذا جانب من الميزات المناخية للبناء الطيني".
تعرف هذه المدينة ب"تريم الغناء" وقيل إن هذه الصفة أطلقت عليها لتعدد بساتينها ونخيلها الباسقات، ويطلق عليها أيضا "مدينة المساجد" لكثرة مساجدها، التي يزيد عددها عن عدد أيام السنة. وفي العام ألفين وعشرة، اختارت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، مدينة تريم عاصمةً للثقافة الإسلامية. لقد كانت "تريم" عاصمة حضرموت القديمة ومقر ملوك كندة قبل ظهور الإسلام، ومنذ ظهوره حتى اليوم، لعبت المدينة دورا بارزا في نشر الرسالة المحمدية.
وقال حسن بلدرم وهو باحث تأريخي يمني لكوردستان24 "خرج من تريم قادة أفذاذ ورجال عظماء في سبيل الدعوة، وقد دخل في الإسلام على يد رجال تريم وعلمائها أعداد كبيرة من جنوب شرق آسيا والهند وجنوب أفريقيا".
إلى جانب كل ذلك، ف"تريم" تعتبر مدينة غنية بالمعالم التاريخية والمواقع الأثرية، القائمة منذ مئات السنين، التي جعلت هذه المدينة محل اهتمام الدارسين والباحثين والسياح، من مختلف أنحاء العالم.
كأن الزمن يعود بك إلى الماضي، هكذا تشعر وأنت تزور مدينة تريم. أهل هذه المدينة تمسكوا بتاريخهم، وبنوا عليه حاضرهم، ويسعون لتوريثه إلى أجيالهم في المشتقبل، لتبقى هذه المدينة ذاكرة لحضارة لا تموت.