7 يوليو 2024
22 أكتوبر 2022
يمن فريدم-خاص-صفاء السداوي
صورة تعبيرية

 

يعدّ غلاء المهور من أهمّ أسباب عزوف الشّباب عن الزّواج، فالشّاب في مقتبل عمره، ويرغب بالزّواج يُفاجأ ويُصدم بالمهر الذي يطلبه أهل الفتاة، خاصّة أنّه لا زال في بداية حياته، وتكاليف الزواج غير مقتصرة على المهر، بل هناك تكاليف الزفاف، والمسكن، وأثاث المنزل، وغيرها من الأمور، فتطول رحلة البحث عن العروس المناسبة، وقد يستمرّ ذلك سنة أو أكثر ولكن دون نتيجة، والطامة الكبرى أنه كلّما مرّت به السّنوات زادت المهور غلاءً.

 

ومع الوضع الذي تمر به البلاد منذ سنوات فاقم من المشكلة وراكم من التبعات التي قد تلحق بالراغبين بالزواج خاصة مع ارتفاع الأسعار،وكل المستلزمات التي لها علاقة بالأعراس.

 

المهر ضمان مستقبل البنت على حساب استقرارها

 

ناقشنا هذا المشكلة التي تحولت إلى ظاهرة على نطاق واسع مع شباب وفتيات، فكان حديثنا مع بعض الشباب المتضررون من غلاء المهور، حيث قال الشاب محمد خالد، إن "أسباب غلاء المهور هو الأهل حيث يعتبر الأهل المهر ضماناً لمستقبل ابنتهم مع هذا العريس المجهول الذي سوف ياخذ ابنتهم، فَهُم يجهلون مستقبل ابنتهم معه، فالمهر الذي يشترون به الذّهب بحسب العادة والتقاليد يساعد إبنتهم على مواجهة المشاكل الماديّة التي قد تتعرّض لها مع زوجها في المستقبل".

 

سلاح ذو حدين يتعامل معة الآباء

 

أما عبدالقادر أحمد يرى أن بعض الأسر  تعتبر المهر سلاحاً تستخدمه الفتاة في مجابهة المستقبل المجهول مع هذا العريس المجهول بالنسبة لها ولذويها، فقد يكون العريس ليس مسؤلا عن زوجته وأسرته فيكون المهر رأس مال لهم لعمل أي مشروع يضمن لهن حياتهن".

 

مهر أقل نظرة بسيطة

 

هناك معتقدات وعادات اجتماعية مستشرية في المجتمع اليمني تجاه المرأة التي يُحدد مهرها بأقل مما هو متعارف عليه،فيرى الغالبية أن المهر المعقول يضع المقبلة على الزواج في محط نظرة متدنية، وكما يقول محمد علي : "المجتمع ينظر إلى الفتاة التي تتزوّج بمهر قليل على أنّها فتاة بسيطة وأهلها بسطاء والنّاس تغرّهم المظاهر فالمهر الغالي يعني أنّ العريس غني وأن الزواج رابح، وكأنّ المسألة تجارة فهم يرسمون عريسا خيالي لابنتهم من المهر الذي سوف يدفعه العريس، فالمهم بالنسبة لهم عرسا حنان طنان ،حد قوله، حتي لاتكون أقل من قريناتها في العائلة".

 

وأضاف محمد: " قد يكون المهر غالياً، ولكن قد يتناسب مع الغلاء الذي نعيشه في هذه الأيام وقد يكون منطقيّاً بالنّسبة لأهل الفتاة وبالنّسبة للمجتمع، لكن ليس باستطاعة الشّاب أن يقدمه، فكلّما زادت صعوبة الحياة ومتطلّباتها المعيشيّة زاد غلاء المهور، فحجز القاعات ووكل مايكلفه من متطلبات العرس تحتاج لمبلغ وقدرة وكذلك جرام الذهب في ارتفاع جدا فلا تستطيع الفتاة شراء الذهب إلا بقدر قليل وذلك بسبب ارتفاع الأسعار بشكل جنوني".

 

غلاء المهور ذريعة الآباء لبقاء بناتهن بقربهم

 

أسماء محمد ترى أن المهور الباهضة ماهي إلا حجة يتخذها الآباء لمماطلة زواج بناتهم وابقائهن بقربهم لخدمتهم وبالذات إذا كانت موظفة يستغلون راتبها والخوف من أن يذهب للزوج وتنسى الفتاة والديها، حيث أكدت انها تزوجت وعمرها 32 سنة بعد رفض والدها تزويجها بحجة الراتب ولكن تمردت على قراره بعد أن رأت إخوانها الذكور مستقرين اجتماعيا، وتعهدت لوالدها باعطائه نصف الراتب حيث وافقت على زميلها وقامت كذلك بمساعدته بجزء من المهر دون علم أهلها لانها رأت فية شخص يستحق أن تكمل معه بقية حياتها، كما قالت.

 

قرارات لا تناسب الوضع الحالي

 

أما سميرة علي تقول إن لكل أسرة لها الحرية في تحديد المهر المناسب الذي يناسب الوضع المعيشي، ولا تؤيد القرارات التي تخص البعض بشأن تخفيض المهور لـ 600 ألف ريال لاغير، "فالفتاة تحتاج لعرس وكسوة وذهب وكل هذا مكلف حتى وأن اختصرت مراسيم العرس ليوم فقط، فصالات الأعراس بمبالغ خيالية وخصوصا أن الفتاة تعتمد على مهرها فقط في التجهيز ولا يقوم بمساعدتها أحد من أفراد الأسرة".

 

الهروب من الغلاء إلى جبهات القتال

 

"سعاد السلطان" اخصائية اجتماعية لمركز تنمية تقول إن غلاء المهور يؤثر على الشباب سلباً بشكل كبير، فبعض الشباب قد يلجأون لفعل المحرمات بالإضافة إلى الذهاب لجبهات القتال التي يرونها تفي بالغرض لأجل تجميع المهر. أو الهروب من الواقع الذي لا يرحم قدراتهم المادية،  وتضيف"قد يفقد الشاب حياته دون الوصول لمبتغاة ومؤكدة كذلك ان الفتيات متضررات مثل الشباب قد يمر بهن العمر دون الارتباط بشريك حياتها وتكبر بالعمر فتضيع عليها فرصة الأمومة لأن كل ماكبر عمر الفتاة يصبح فرصتها للانجاب أقل بكثير عندما تكون في مقتبل العمر مما يولد لديها حالة من النقص". وتمنت سعاد من أولياء الأمور النظر للمستقبل والأضرار التي تسببها ارتفاع المهور المكلف فوق طاقة الشاب.

 

نظرة الشرع لغلاء المهور

 

من الناحية الشرعية كانت وجهة النظرة تقف ضد المبالغة في المهور، وكان حديثنا مع القاضي عبدالحميد دلهام مدرس اللغة العربية والحديث في الجامع الكبير صنعاء، الذي يرى  "إن حل مشكلة غلاء المهور تكون في التّوعية الدّينيّة  ولا يمكن القضاء على غلاء المهور في هذه الحياة الصعببة، إلّا من خلال التّوعية الدّينيّة، فالمهر من حقوق الزّوجة في الإسلام لكن لم تكن الحكمة منه تعجيز الشّباب وإرهاقهم وهم في بداية حياتهم، فلو قرأنا وشاهدنا كيف كانت المهور أيّام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لاتّعظنا، فمنهن من تزوجت مقابل تعليمها القرآن الكريم، وكان ذلك مهرها ومنهن من تزوّجت مقابل أن يحفظ الزوج القرآن الكريم وكان ذلك مهرها إذاً فحق المرأة في المهر، لا يشترط أن يكون حقاً مادياً، بل قد يكون معنوياً".

 

ولفت القاضي دلهام في تصريحه لـ " يمن فريدم"  إلى أن هناك أمور ترهق الشباب المقبلين على الزواج في ظل ارتفاع المهور التي أصبحت تشكل عائقا ماليا لهم مع الوضع الراهن،خاصة بعد مرحلة ما بعد الزواج التي.

 

وقال : " التّفكير في حالة الشّاب بعد الزّواج لو فكّر الأهل بالحالة التي ستكون عليها حياة ابنتهم مع زوجها في المستقبل لاختلف الأمر، ذلك أنّ بعض الشباب قد يُرهقون أنفسهم بالديون والقروض، لتأمين المهر وتكاليف الزواج، فيُصبح دخل الشاب في المستقبل مرهوناً بقضاء تلك الديون وبالتالي صعوبة الحياة مع قلة الدخل واستمرار ذلك لسنوات، سيؤدي إلى تفاقم المشاكل بين الزوجين وقد ينتهي إلى الطلاق".

 

وينصح القاضي من خلال حديثه أولياء الأمور التعامل لهذه المشكلة ويضعوا اعتبارات لشباب والتي يمكن أن تساعدهم في تخطي تلك العقبات.

 

وأضاف: "على الأهل أن يقدروا جيداً حالة الشاب المادية ويتعاملوا معه على هذا الأساس، ويفكروا بالأمر من كل الزوايا وبحياة إبنتهم المستقبلية. ظلم الفتاة: شروط الأهل القاسية، وغلاء المهر هو ظلم للفتاة أيضاً فالأمر ليس بيدها وزواجها لا يتم إلا بموافقة الأهل وكلما صعّب أهلها الأمور على المتقدمين لخطبتها سيتأخر زواجها وتمضي الأيام وتكبر في السن، ويقلّ عدد المتقدمين لها، لذلك كان ينبغي على الأهل أن يفكر ملياً بابنتهم ويفكروا بعواقب العنوسة ويتذكرو ماقال سيدنا محمد صلى الله علية وسلم اكثر النساء بركة اقلهن مهورا".

 

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI