بعمر 12 شهراً، كان وزن عبد الله لايتجاوز 4 كيلوغرامات فقط وبدأ يعاني من إسهال وقيء متكرر مع حمى.
تقول نسرين، والدة عبد الله البالغة من العمر 35 عاماً "كنت أتنقّل من مستشفى إلى آخر حيث لم تتحسن حالته. لمدة شهر تقريبًا، أخذته بقلق إلى خمسة مستشفيات مختلفة حتى تم تحويله أخيرا إلى هذه العيادة في المخا. كنت قلقة جدًا لأنه لم يكن يتفاعل عندما أحضرته هنا".
تتحمل نسرين وأطفالها السبعة، الذين نزحوا في الحديدة غرب اليمن، وطأة التأثير الصامت والمدمر لنحو 10 سنوات من الصراع: سوء التغذية. تعيش الأسرة على خيط رفيع بالكاد يكفي للبقاء على قيد الحياة كل يوم مع الدخل المتقطع لزوج نسرين الذي يعمل كصياد.
تدهورت حالة عبد الله، الابن الأصغر، بشكل حاد بعد أن بدأت نسرين في إطعامه بالماء الممزوج بالنشا والسكر دون بدائل أخرى.
بعد خمسة أيام من العلاج المكثف في مستشفى المخا بمحلول معالجة الجفاف والحليب العلاجي، بدأ عبد الله في اكتساب الوزن وبدأ يبتسم الآن لأمه وهو يلعب.
بينما كان عبد الله محظوظًا بما يكفي للتعافي، فإن الملايين من الأطفال لا يصلون إلى المرافق الصحية بسبب نقص الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية وتكاليف النقل.
"في اليمن، يتزايد عدد الأطفال الذين يقعون ضحايا لسوء التغذية الحاد الوخيم، وسط انهيار اقتصادي دفع الأسر إلى فقر مدقع. إن تفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة يزيد من سوء التغذية الحاد، الذي يمكن أن يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه، خاصة في مناطق الساحل الغربي، بما في ذلك حيث يعيش عبد الله".
وفقًا للتصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية الحاد IPC AMN الصادر في أغسطس، ارتفع عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 34 في المائة عن العام السابق ليصل إلى 600,000 طفل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية.
ويذكر أن مديريات المخا في تعز، والخوخة وحيس في الحديدة على الساحل الغربي شهدت مستويات "حرجة للغاية" من سوء التغذية الحاد (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية الحاد IPC AMN لأول مرة، حيث يعاني أكثر من 30 في المائة من الأطفال من سوء التغذية الحاد.
الوضع خطير بشكل خاص بالنسبة للأسر النازحة. "نعيش في خيمة أعطيت لنا قبل ست سنوات. الآن هي مهترئة تمامًا. في الشتاء، نربط البطانيات من الداخل وفي الصيف، نتعرض للحرارة والمطر. كلنا نعيش في غرفة واحدة"، تقول نسرين، التي تعتقد أن الظروف المعيشية القاسية قد جعلت أطفالها عرضة للأمراض وسوء التغذية.
"أحياناً يبكي الأطفال بسبب الجوع لأنه ليس لدي ما أعطيهم إياه للإفطار أو الغداء أو العشاء. كنت محطمة القلب لرؤيتهم جائعين وليس لدي ما أقدمه"، تضيف نسرين مشيرة إلى أن طفلين آخرين يعانيان أيضاً من سوء التغذية.
يقول محمد عصام، طبيب في قسم التغذية بمستشفى المخا، وهو مرفق إحالة يعالج الحالات الشديدة المصحوبة بمضاعفات، إن الفيضانات وانتشار الأمراض في الأشهر الأخيرة قد زاد من تعقيد الوضع. "بالإضافة إلى نقص الوعي الصحي حول تنظيم الأسرة وأهمية التطعيم، فإن الأمطار الغزيرة قد دمرت المنازل وشردت الأسر. كما أن انتشار الكوليرا والملاريا وحمى الضنك يزيد من حدة سوء التغذية".
عادةً ما يستقبل قسمه حوالي 100 إلى 120 حالة شهرياً، ولا تكفي الأسرّة الـ22 في قسمه لاستيعاب جميع المرضى. "نقوم بتجهيز أسرّة مؤقتة ونحاول استقبال المزيد من المرضى، لكننا نشهد طلباً متزايداً ونحتاج إلى المزيد من الموارد"، بحسب قوله.
نقص الوعي بالعناصر الغذائية الصحيحة هو عامل آخر يزيد من تفاقم الوضع. في قسم التغذية المزدحم، شوهد العديد من الرضع بأجسام منتفخة، وهي حالة ناجمة عن نقص حاد في البروتين.
"هذا بسبب قيام العديد من الأمهات بإطعام أطفالهن بالماء الممزوج بالسكر فقط دون إطعامهم بالعناصر الغذائية الصحيحة. كما أن جزءاً مهماً من عملنا هو تثقيف ورفع وعيهن حول ممارسات التغذية الصحيحة". كما يقول الطبيب محمد.
تقدم اليونيسف تكاليف التشغيل لـ 37 مركز للتغذية العلاجية (TFC) على مستوى البلاد، بما في ذلك مستشفى المخا وأكثر من 4789 مركز رعاية خارجية (OPT).
كما توفر الغذاء العلاجي الجاهز للاستخدام (RUTF) وتدعم علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم في جميع أنحاء البلاد.
ولكن لإنقاذ الأطفال الضعفاء من الانزلاق إلى سوء التغذية، هناك حاجة ماسة إلى دعم عاجل لتوسيع الاستجابة الشاملة لمنع سوء التغذية وتوسيع خدمات العلاج في حالة فشل الجهود الوقائية.
"لمعالجة الوضع التغذوي المقلق بين الأطفال بشكل فعال، يجب علينا معالجة الأسباب الجذرية لسوء التغذية، بما في ذلك الأنظمة الغذائية غير الكافية، والممارسات السيئة لتغذية الرضع والأطفال الصغار، وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة غير الكافية.
الحاجة لنهج شامل يشمل التغذية وممارسات التغذية والخدمات الأساسية هو أمر حاسم لضمان بقاء ونمو وتطور هذه الأرواح الشابة الضعيفة"، قالت فراجا تشيويلي، رئيسة قسم التغذية في اليونيسف في اليمن.
(UNICEF YEMEN)