18 إبريل 2025
14 مارس 2025
يمن فريدم-DWعربية


بعد دخول تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيز التنفيذ بشأن بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم، أعلن الاتحاد الأوروبي وقبله الصين وكندا عن تدابير فورية .

وأبرز موقف جاء من بروكسل حيث أعلنت المفوضية الأوروبية عن رسوم جمركية "قوية لكن متناسبة" على سلسلة منتجات مستوردة من الولايات المتحدة مثل القوارب والدراجات النارية والبوربون اعتبارا من الأول من أبريل / نيسان 2025. وقالت المفوضية على لسان رئيستها أورزولا فون دير لاين أن التكتل القاري "يتأسف بشدة" للإجراءات التي اتخذها ترامب واصفة الرد الأوروبي بـ"القوي والمتناسب".

وتستهدف الإجراءات الأوروبية ضرب واشنطن في القطاعات المهمة بدون أن يكون لذلك تكلفة كبيرة. ويشمل ذلك أيضا المنتجات الرمزية مثل دراجات هارلي- ديفيدسون النارية، وفول الصويا الذي يمكن الحصول عليه من شركاء تجاريين آخرين مثل البرازيل والأرجنتين. كما تستهدف المفوضية المنتجات المستوردة من الولايات الأمريكية التي يحكمها الجمهوريون.

وبهذا الصدد كتبت صحيفة "تاغسشبيغل" الصادرة في برلين (12 مارس / آذار 2025) معلقة "تتبع حرب ترامب التجارية مبادئ سياسية معروفة: الفعل بدلاً من التفكير، التدافع بدلاً من المصافحة .. "أمريكا أولاً"، "لنرجع أمريكا عظيمة مرة أخرى" وما إلى ذلك. أداته المفضلة هذه المرة هي الرسوم الجمركية. الفكرة وراء ذلك بسيطة وغير مفاجئة: عندما تصبح السلع الأجنبية أغلى، سيبدأ الأمريكيون في شراء المزيد من المنتجات المحلية، مما يحفز الاقتصاد. قد تنجح هذه الحسابات، فقط على المدى القصير: يمكن أن تحمي الرسوم الجمركية الصناعات المحلية الأضعف بشكل مؤقت وتزيد من إيرادات الدولة. على المدى الطويل، سيعاني المواطنون الأمريكيون والشركات من ذلك"، تقول الصحيفة الألمانية.

زعزعة استقرار الأسواق الأمريكية قبل الدولية!

يعتمد ترامب على هذه الرسوم الجمركية لتحقيق تنازلات وزيادة الإنتاج المحلي. ومع ذلك، فإن الرسوم تؤثر أيضاً على الشركات والمستهلكين الأمريكيين، خاصة إذا تسببت الرسوم في رفع تكاليف الإنتاج في صناعات مثل الإلكترونيات أو صناعة السيارات. وترى الخبيرة الاقتصادية الألمانية لدى "مؤسسة العلوم والسياسة" في برلين لاورا فون دانييلز أن المسار المتذبذب الذي ينتهجه دونالد ترامب في السياسة التجارية وتهديداته ضد شركاء بلاده الاقتصاديين تتسبب في زعزعة الأسواق في بلاده.

وأوضحت في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ"، "إنه يفرض رسوما جمركية ولا يعتزم السماح بأي استثناءات... ربما لا تكون هذه كلمته الأخيرة، لكنها تتردد ذهابا وإيابا، وهذا يؤدي إلى حالة من عدم اليقين. وإذا كان هناك شيء تكرهه الأسواق، فهو عدم اليقين"، موضحة أن العديد من ناخبي ترامب سيتضررون أيضا من سياساته الاقتصادية.

وأضافت دانييلز "التضخم يقترب الآن مرة أخرى من مستوى الـ3% الحساس، وفي الوقت الحالي يبدو من المرجح أنه سيواصل الارتفاع... وإذا جمعنا هذا معا - التضخموركود الأداء الاقتصادي - فإننا سننتهي إلى سيناريو الركود التضخمي... وبعد ذلك سوف تدق بطبيعة الحال أجراس الإنذار مرة أخرى في الأسواق المالية. مثل هذا الوضع سيكون سلبيا للغاية".

وبهذا الصدد كتبت صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية الألمانية (12 مارس) "على مدار أشهر، بدا أن الأسواق عاشت في نوع من التنويم المغناطيسي، بعيدًا تمامًا عن جميع الاضطرابات السياسية والجيوسياسية التي كانت قد أخذت أبعادًا تاريخية (..) غير أنه الآن، بدأت البورصات تصطدم مع حقيقية والواقع. وجاءت هذه الصدمة متأخرة بالفعل. أن تأتي موجات الصدمة من الولايات المتحدة تحديدًا، فهذا ليس مفاجئًا. فمخاطر أكبر اقتصاد في العالم، الذي حمل الاقتصاد العالمي بعد نهاية الجائحة تقريبًا بمفرده، لم تعد قابلة للتجاهل. إنها ليست مخاطر سياسية مجردة، بل هي مخاطر ملموسة على المدى القصير".

خطر الركود ـ غموض بشأن أثر عقوبات ترامب على ألمانيا

التصعيد التجاري بين بروكسل والولايات وواشنطن، ستكون له وبلا أدنى شك تأثيرات على الاقتصاد الألماني الذي يجتاز أصلا مرحلة صعبة حيث يواجه الركود للعام الثالث على التوالي. وبهذا الصدد ذكر يواخيم ناغل، رئيس البنك المركزي الألماني في حوال مع محطة "بي.بي.سي" نُشرت (13 مارس) "نحن اليوم في عالم مليء بالرسوم الجمركية، وبالتالي قد نتوقع ركودًا هذا العام إذا تم فرض الرسوم الجمركية بالفعل".

غير أن توقعات "معهد كيل للاقتصاد العالمي" الألماني ذهبت في اتجاه آخر، إذ أكدت أن الاقتصاد الألماني سيحقق في العام المقبل نموا أقوى مما كان متوقعا سابقا. جاء ذلك في التوقعات الاقتصادية لفصل الربيع التي نشرها المعهد في مقره في مدينة كيل شمالي البلاد (13 مارس).

ويتوقع خبراء المعهد ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد أوروبي، بعد التعديل وفقا لمعدلات التضخم، بنسبة 1.5% في عام 2026 مقارنة بالعام السابق، في حين كانت التوقعات الشتوية تشير إلى أن هذه النسبة ستبلغ 0.9% فقط. وقد يكون للنفقات الدفاعية الضخمة تأثيرا إيجابيا على الشركات الألمانية والأوروبية.

المستشار الألماني أولاف شولتس أشاد برد الفعل الصارم للاتحاد الأوروبي ضد رسوم على واردات الصلب والألومنيوم، لكنه دعا في الوقت ذاته لضرورة إيجاد حل توافقي في هذا النزاع. جاء في أعقاب لقائه مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا. وأوضح المستشار بهذا الشأن "علينا أن نستخدم قوتنا ونرد بحزم وبشكل مناسب، لكن مع الأخذ دائما في الاعتبار إمكانية التوصل إلى تفاهم".

من جهته أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال اجتماع مع رئيس وزراء أيرلندا (الأربعاء 12 مارس) عزمه على الفوز في النزاع التجاري مع أوروبا حيث قال "سنفوز في هذه المعركة المالية"، مضيفا أن واشنطن سترد "بالطبع" على التدابير المضادة التي أعلنتها بروكسل.

واستطرد موضحا "لقد تم استغلالنا لفترة طويلة، ولن نسمح بذلك بعد الآن". صحيفة "وولستريت جورنال" الأمريكية (11 مارس) حذرت من أن الولايات المتحدة قد تكون أكثر المتضررين من الحرب التجارية التي أعلنها ترامب وكتبت "كانت قيمة أسعار الأسهم مرتفعة منذ فترة طويلة، وقد يكون هذا مجرد تصحيح للسوق. ولكن هناك أيضًا علامات على تباطؤ الاقتصاد، وهو ما يجب أن يضع إدارة ترامب في حالة تأهب (..) يتزامن عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية مع زيادة عدم اليقين لدى المستهلكين (..) كل هذا يشير إلى نمو أبطأ، حتى وإن نجا الاقتصاد من الركود. من المتوقع أن تعزز سياسات ترامب في مجال تقليص البيروقراطية وتمديد الإصلاح الضريبي لعام 2017 استثمارات الشركات على المدى الطويل. ولكن التكاليف المرتفعة وعدم اليقين الناجم عن رسومه الجمركية تضر بالاقتصاد في الوقت الحالي. إذا كان ترامب يريد تهدئة مخاوف الركود، فمن الحكمة تعليق خطط الرسوم الجمركية".

تواري مكانة واشنطن لدى حلفائها الأوروبيين أمنيا واقتصاديا

أصيبت الدول الأوروبية بصدمة لم يسبق لها مثيل من قبل الحليف الأمريكي الأكبر، زعيم المعسكر الغربي في العالم، ليس فقط لتقاربه مع الغريم الروسي ولكن أيضا بسبب فرض رسوم بنسبة 25% على واردات بلاده من دول الاتحاد الأوروبي الذي قال إنه تأسس "لإزعاج" الولايات المتحدة. فقد أصبحت الولايات المتحدة، بين عشية وضحاها، حليفا غير موثوق به بالنسبة لأوروبا.

وبهذا الشأن علقت صحيفة "داغنز نيهيتر" السويدية الليبرالية (11 مارس) على سياسة التجارة والأمن التي يتبعها دونالد ترامب وآثارها على سندات الدين الألمانية، قائلة "ماذا يحدث في الواقع عندما يفقد الجميع الثقة في الرجل الذي يُدير البيت الأبيض؟ نحن في طريقنا لاكتشاف ذلك. لا يهم ما إذا كان ترامب يهدف من خلال رسومه الجمركية إلى تدمير النظام الدولي المفتوح، أو إذا كان ذلك مجرد لعبة تفاوضية. الثقة في الولايات المتحدة قد دُمرت بالفعل. نفس الشيء يحدث في السياسة الأمنية. كل ما يقوله ترامب ويفعله يشير إلى أنه مستعد لبيع كل من أوكرانيا وبقية أوروبا للكرملين (..). بالنسبة للمستثمرين، أصبحت أوروبا أكثر جذبًا. اليورو يكسب أهمية كبديل للدولار، والسندات الألمانية كبديل للسندات الأمريكية. ترامب لا يزال في منصب الرئاسة منذ سبعة أسابيع فقط، لكنه قد أطلق بالفعل قوى لا يمكن لأحد - حتى هو نفسه - السيطرة عليها".

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI