عقد مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، الأربعاء، اجتماعًا بعدن، حضره بعض الأعضاء والبعض الآخر حضره عبر دائرة اتصال مرئي.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية (نسخة الحكومة) أن الاجتماع، الذي عُقد برئاسة رئيس المجلس، رشاد العليمي، اليوم، وبحضور جميع أعضائه، ناقش مستجدات الأوضاع المحلية والخطط والسياسات التنفيذية لتخفيف معاناة المواطنين، وآليات تعزيز وحدة الصف، وجهود استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي.
ومما رشح من الخبر القصير؛ فإن المجلس وقف أمام المشاكل التي تحول دون وحدته الداخلية، إذ تتجاذب أعضاءه مواقف متباينة تسندها مصالح إقليمية.
وعانى المجلس منذ إعلان انتقال السلطة في ابريل/ نيسان 2022 من مشاكل عدة، هي نتاج طبيعي لتعارض مشاريع أعضائه؛ وهي المشاريع التي لم يستطع المجلس تذويب أهدافها في رؤية واحدة في مواجهة جماعة "أنصار الله" (الحوثيون)، الذين تعززت قوتهم أكثر عقب قرار انتقال السلطة في الحكومة الشرعية، إذ استطاعت استغلال تناقضات المجلس الرئاسي بما يصب في قوة موقفها.
ففي الوقت الذي تراجعت قوة الحكومة الشرعية في المفاوضات، ارتفعت نبرة الحوثيين في فرض مطالبهم على سير المحادثات خلال 2022.
وحسب مصدر مطلع، فضّل حجب هويته، فإن التحالف السعودي الإماراتي كان ينشد من خلال إنشاء مجلس القيادة الرئاسي، جمع الفصائل المسلحة في جبهة الحكومة الشرعية تحت مظلة واحدة بهدف توحيد أهداف هذه القوى في مواجهة الحوثيين.
واستدرك "لكن ها هو المجلس سيكمل العام الأول، ولم يحقق أي تقدم في أي جبهة، بل إنه لم يستطع توحيد مواقف أعضائه بما يعزز من وحدته الداخلية، مما يؤكد أن هدف التحالف من انشاء المجلس هو الإمعان في تمزيق وحدة جبهة الحكومة لصالح خدمة مشاريع دولتي التحالف داخل مناطق سيطرة الحكومة".
وقال المصدر لـ "القدس العربي" إن إشارة الخبر الرسمي إلى "وحدة الصف" والتعامل مع الاجتماع بأنه مغلق يؤكد أن خبر الاجتماع أراد إيصال رسالة اعلامية مفادها أن المجلس ماض في تجاوز مشكلاته، لاسيما وأن هذا الاجتماع يأتي بموازاة اجتماعات للحكومة بهدف مواجهة تداعيات توقف انتاج وتصدير النفط جراء هجمات الحوثيين على موانئ التصدير في مناطق سيطرة الحكومة خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني.
واستدرك: لكن اجتماع مجلس القيادة الرئاسي لن يستطيع رأب الصدع، الذي يحول بين وحدة مواقف أعضائه؛ لأن كل عضو يعمل في سياق مشروع مختلف، وإن تقاربت بعضها، إلا أن المصالح الإقليمية قد حددت لكل (فصيل/ عضو) مسارا يمضي في إطاره بعيداً عن قرار مجلس القيادة الرئاسي، الذي ليس لديه سلطة بأي حال من الأحوال على الفصائل المسلحة التي يقودها معظم أعضاء المجلس الذين يتلقون تعليماتهم من (الممول) للأسف الشديد.
وتتوزع خريطة القوى العسكرية في مناطق سلطة الحكومة المعترف بها بين: قوات الجيش الوطني وتتبع الحكومة وتعاني من مشاكل كثيرة، قوات محور صعدة تتبع الحكومة، قوات حراس الجمهورية (المقاومة الوطنية) يقودها عضو مجلس القيادة طارق صالح ابن أخ الرئيس السابق علي عبدالله صالح، قوات العمالقة يقودها عضو مجلس القيادة مع قوات دفاع شبوة (النخبة الشبوانية سابقا) عبدالرحمن المحرمي، قوات النخبة الحضرمية يقودها عضو المجلس فرج البحسني، قوات الحزام الأمني وتتبع المجلس الانتقالي الجنوبي (يطالب بالانفصال) يقودها عضو المجلس عيدروس الزبيدي…وغيرها. وتتلقى معظم هذه الفصائل التي يقودها أعضاء في مجلس القيادة تمويلًا من الإمارات، وبعضها يتلقى دعما من السعودية، التي بدورها استحدثت مؤخرا قوات (درع الوطن) كفصيل جديد بجانب قوات (اليمن السعيد).
وقال المصدر: "كل الفصائل المسلحة المنضوية قياداتها ضمن مجلس القيادة تتحرك وفق مشاريع ممولها، وبالتالي فتأثير مجلس القيادة عليها محدود، إذ إن المجلس لا يدفع مرتبات المسلحين تحت ألويتها، مثلا، فكيف يفرض قراره عليها؟!".
وأضاف: الهدف من إنشاء هذه الفصائل ووضع قياداتها ضمن مجلس القيادة هو إيجاد أكثر من مركز قرار داخل المؤسسة الحكومية اليمنية، وبالتالي تتدخل هذه المراكز في صنع القرار الحكومي؛ وهو القرار الذي يتبلور في الأخير لصالح الممول لهذه القوات، أي لصالح السعودية والامارات.
وتابع: “يحاول رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي تقديم صورة إعلامية تُفيد بأن المجلس هو صاحب السلطة الفعلية، بينما هو في الأخير ليس سوى عباءة لقوى تحمي مشاريع مختلفة مهمتها إضعاف الحكومة اليمنية وإطالة أمد الأزمة والحرب، وقبل هذا توسيع دائرة الخلاف اليمني داخل مؤسسة الحكومة المعترف بها دوليا".
وقال: "في مفاوضات التسوية ستفرض هذه الفصائل مواقفها، وستضع أهدافها على الطاولة حينها، وبالتالي سيكون على الحكومة إيجاد تسوية أولية لتوحيد كيانها قبل الذهاب إلى تسوية نهائية مع الحوثيين وبقية المكونات السياسية ممثلة في الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني".
وحذر المصدر "من أن يكون الهدف من انشاء هذه الفصائل ووضعها ضمن هيئة مجلس القيادة الرئاسي، هو إلغاء المكونات اليمنية السياسية المدنية ممثلة في الأحزاب والمنظمات ومكونات المرأة والشباب وغيرهم ممن ينشدون دولة يمنية مدنية ديمقراطية حرة، وحصر التسويات في هذه الفصائل التي تمتلك قوات على الأرض، ولها مقاعد في السلطة، وترفض، للأسف، إقامة دولة يمنية مدنية ديمقراطية موحدة".
وقال: "قراءة تعقيدات المشهد اليمني مفتوحة على فضاءات تذهب بالقارئ إلى مسافات بعيدة؛ لأن العامل الإقليمي صار له ثقله وحسابات فصائله التي خلطت الأوراق، وهي تحدق برؤيتها نحو تقسيم اليمن، وهو تقسيم لم تتضح خريطته جليا حتى الآن، لكن التقسيم هو ما يرمي له الإقليم، وبالتأكيد هناك قوى أكبر من الإقليم تتحكم بالمصالح الإقليمية والبيادق المحلية، وتضع نصب عينيها إفراغ اليمن من عوامل قوته ليصبح تحت سيطرة إقليمية لخدمة مصالح دولية".
وأشار الى أن صحيفة إماراتية أكدت افتتاحيتها قبل أيام قليلة على وحدة اليمن، لكن، للأسف، تم حذف الافتتاحية من موقع الصحيفة خلال ساعات.
ويشهد اليمن نزاعا على السلطة منذ تنحى الرئيس الراحل علي عبد الله صالح عن السلطة عقب توقيع المبادرة الخليجية عام 2012 إثر ما عُرف بثورة الشباب عام 2011، ليدخل النزاع مرحلة جديدة عام 2014، وهي الحرب التي شملت البلد كله مع تدخل التحالف السعودي الاماراتي منذ مارس/ آذار 2015.
وتسببت الحرب بشكل مباشر وغير مباشر، على مدى ثماني سنوات، في إزهاق أرواح أكثر من 300 ألف يمني وإلحاق خسائر تراكمية بالاقتصاد تتجاوز 126 مليار دولار حسب الأمم المتحدة، علاوة على أزمة إنسانية حادة أصبح فيها 23 مليون يمني بحاجة ماسة للمساعدات.