24 نوفمبر 2024
3 مايو 2023
يمن فريدم-الحرة

 

بينما تعتبر حرية الصحافة شرطا أساسيا لحماية حقوق الإنسان، فإن العاملين في وسائل الإعلام في العالم العربي يشتكون من تحديات عدة تمنعهم من أداء مهمتهم.

 

ويحل اليوم العالمي لحرية الصحافة فيما يتعرض الصحفيون في الدول العربية لحملات اعتقال وقتل وتشويه سمعة وأشكالا أخرى من التضييق.

 

وقع "الحرة تحدث مع صحفيين في 6 دول عربية، في سياق هذا التقرير.

 

مصر.. "تضييق غير مسبوق"

 

يقول عضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين، محمد سعد عبد الحفيظ، لموقع "الحرة" إن "الصحافة المصرية تعاني منذ سبع سنوات على نحو غير مسبوق، "حيث يعمل الصحفيون في ظل حصار وقيود تفرض على وسائل الإعلام"، بعض تلك القيود من خارج الإطار التشريعي وجزء آخر منها وُضعت له قوانين وتشريعات.

 

وأوضح عبد الحفيظ أن "الجزء غير المشرّع له علاقة بالممارسات والضغوط التي تمارس على المؤسسات الصحفية التي هي من المفترض وفقا للدستور مؤسسات مستقلة حتى لو كانت قومية، ولكن هذا الاستقلال جرى تهميشه وجرى حصار المؤسسات بوضع خطوط حمراء كثيرة حول كثير من الملفات".

 

وأضاف أن "هناك تحديات أخرى تتعلق بالقوانين التي تم إصدارها تقيد بشكل مباشر حرية الإعلام، مثل القانون 180 لتنظيم الصحافة والإعلام الذي صدر لسنة 2018".

 

وأوضح عبد الحفيظ: "يفترض بأن هذا القانون جاء لتنظيم عمل الإعلام، لكننا رصدنا في نقابة الصحفيين 22 مادة في القانون تقيد حرية الصحفيين والمؤسسات من خلال فرض الكثير من الخطوط الحمراء على ممارسة الصحفيين لعملهم، بدءا من الطابع الحكومي لمجلس تنظيم الإعلام من خلال منحه الحق في المنع والحجب ووقف الطبع والظهور، ما يعني أنه بمثابة دور الرقيب رغم أن الدستور حظر الرقابة على الصحافة ووسائل الإعلام إلا في وقت الحرب أو التعبئة العامة".

 

وتحظر السلطات المصرية عشرات من المواقع الإخبارية وبعض تطبيقات التواصل الاجتماعي.

 

يشير عبد الحفيظ إلى مسألة الحبس في قضايا النشر بشكل مخالف لمواد الدستور التي قصرت ذلك في ثلاث حالات فقط.

 

ويقول: "لا يزال هناك أكثر من 14 مادة في قانون العقوبات وقوانين أخرى تجيز الحبس في قضايا النشر، وهي مواد لم تراجع حتى هذه اللحظة من قبل البرلمان بالرغم من وجود إلزام دستوري بمراجعتها، وكأن هناك من يريد أن يظل سيف الحبس مسلطا على رقاب الصحفيين".

 

وأشار إلى أن هناك عشرة من الصحفيين النقابيين محبوسون حاليا، فيما تشير تقارير أخرى إلى وجود عدد مماثل من صحفيين غير تابعين للنقابة.

 

يشير عبد الحفيظ إلى إلزام دستوري آخر يتعلق بضرورة إصدار قانون ينظم حرية تداول المعلومات، "لكن رغم مرور عشر سنوات على إقرار الدستور، لا يوجد قانون لحرية تداول المعلومات وهذا يجعل الصحفيين حائرين بين الجهات المختلفة للحصول على المعلومات التي هي حق لكل مواطن".

 

يشير رئيس قسم التحقيقات بصحيفة الدستور المصرية، أحمد عاطف رمضان، إلى مسألة تردي الأوضاع الاقتصادية وتدني الرواتب للغاية باعتبارها العمود الفقري للاستقرار للعاملين في مجال الصحافة وأسرهم، إضافة إلى عدم اهتمام المؤسسات الإعلامية بتدريب وتأهيل الصحفيين وتتركهم يمارسون العمل الصحفي وأحياناً في المناطق الخطر والمعادية دون أي تدريب أو حتى أدوات.  

 

وينتقد رمضان، عدم الاعتراف بالصحفيين الإلكترونيين في مصر بسبب القوانين والتشريعات، "رغم أنه بات لهم الدور الأكبر في الإعلام العالمي".

 

ويأتي انطلاق الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة.

 

وقال عبد الحفيظ: إذا كانت السلطة جادة في أن يكون هناك إصلاح سياسي وتطور ديمقراطي، فإن البداية أراها سهلة، وهي من خلال تهيئة المناخ، وهذا لا يتأتى إلا بإصلاح أحوال الصحافة من خلال إدخال تعديلات في التشريعات ووقف الممارسات والإفراج عن الصحفيين المحبوسين وإصدار قانون لحرية تداول المعلومات".

 

السودان.. الصحافة تحت القصف

 

أما البلد المجاور المصر، السودان، فيشتكي الصحفيون فيه من مشاكل عدة، أبرزها العنف والمضايقة منذ اندلاع الصراع المسلح، منتصف الشهر الماضي، بين الجيش أو قوات الدعم السريع.

 

وقال الصحفي خالد الفكي لموقع "الحرة: إن "عددا من الزملاء الصحفيين تعرضوا للاحتجاز أكثر من 72 ساعة بسبب الاشتباكات الدامية وعدم تمكنهم من الخروج من مقار عملهم"، مشيرا إلى أن طرفين الصراع لا يأبهان للصحفيين ورسالتهم.

 

وأضاف أنه حتى قبل "المعارك الدائرة كنا نعاني للحصول على المعلومات، والآن نعاني بشكل أكبر في غياب المعلومات الصحيحة".

 

وأشار إلى أن "كثيرا من المقار الصحفية تعرضت لهجوم وقذائف من طرفي الصراع، وبعضها أصبح يحتلها عناصر من قوات الدعم السريع مثل السودان الدولية".

 

كما يعبر عن مشاكل تتعلق بخدمات الإنترنت وعدم توفرها "نعمل فقط عبر إبلاغ الأخبار بالهتف نظرا لانقطاع الكهرباء أيضا في كثير من الأحيان، فضلا عن نقص وسائل الحماية والسلامة في ظل النزاعات والحروب". 

 

العراق.. خطوط مقدسة

 

تعتبر الصحفية العراقية، سهى عودة أن غياب الحماية أبرز التحديات والمعوقات التي تواجه الصحفيين في بلدها، "فعندما يغطي صحفي أو صحفية حدثا معينا بشكل لا يرضي بعض الأطراف قد يتم قتله أو استهدافه أو عائلته بشكل مباشر".

 

وتقول لموقع "الحرة": "نفتخر بأن أبرز ما حصلنا عليه بعد عام 2003 هو حرية التعبير حيث صرنا نتحدث عن قضايا لم نكن نتحدث عنها في زمن البعث، لكن اليوم أصبح هناك خطوط حمراء كثيرة ورموز مقدسة، ما يمنعنا من الحديث بحرية في بعض القضايا".

 

وتوضح أن "الخطوط الحمراء زادت بعد الانتخابات الأخيرة، حيث صارت هناك اعتقالات للصحفيين وحتى المدونين وتضييق على المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، قد يتم اعتقال الصحفي أو المدون لأنه انتقد سوء الخدمات المقدمة للمواطنين أو الأوضاع الاقتصادية في البلاد".

 

تونس.. الصحافة "متهمة بالتآمر"

 

أما في تونس، فيعبر رئيس التحرير المساعد بجريدة المغرب، حسن عيادي، بأن هناك تحديات عدة، منها السياسي والاقتصادي والقانوني.

 

ويعتبر أن "الصحفيين في تونس أصبحوا يعيشون في ظل سلطة تعمل على إنهاء دور الإعلام ضمن تصور يقوم على أن الأجسام الوسيطة والنخب خانت التونسيين وأنها متآمرة. هذه الأجسام تضم المؤسسات الصحفية والعاملين فيها".

 

وقال: "هناك إيمان داخل السلطة بأن دور الإعلام هو خدمتها، باعتبارها تعبر عن الشعب وإرادته لذلك تعتمد سياسة تطويعها، وتمتنع عن تقديم المعلومة وتستهدف ضرب مصداقية الإعلام".

 

وأضاف أن "السلطة نجحت في إخضاع الإعلام العمومي وجعله إعلاما حكوميا، من خلال إرهابها لعدة مؤسسات إعلامية، واليوم تعمل من أجل ترهيب الصحفيين أنفسهم بملاحقتهم بالمرسوم 54 وتجميد المرسومين 115و116".

 

يشير العيادي إلى تحد اقتصادي يواجهه الصحفيون التونسيون "يكمن في ارتفاع تكلفة إدارة المؤسسات الإعلامية جراء التداعيات المباشرة للأزمة المالية التونسية، وارتفاع التضخم وانهيار قيمة الدينار، ما يؤثر على أسعار المنتجات والخدمات مقابل تراجع حجم الإعلانات".  

 

الجزائر.. "محاذير الأمن القومي"

 

تعتبر الصحفية الجزائرية، إلهام بوثلجي، الفترة الأخيرة من أصعب المراحل التي مرت بها الصحافة في بلدها، حيث أغلقت الكثير من وسائل الإعلام أبوابها، سواء كانت لأسباب سياسية أو اقتصادية وآثار جائحة كورونا.

 

وتقول لموقع "الحرة" إن "هناك حدودا كثيرة مغلفة بالخطوط الحمراء والأمن القومي وغيرها من المحاذير، كما أن هناك تضييق على ممارسة الصحافة وحصر مصدر المعلومة في نطاق ضيق وقد يصل الأمر حد المتابعات القضائية".

 

وتضيف أن "مؤسسات إعلامية كثيرة أغلقت أبوابها خلال السنوات الأخيرة بسبب الوضع الاقتصادي الذي تسبب في شح المورد المالي وهو الإعلانات من قبل الشركات".

 

وتعتبر أن "هذه التحديات تسببت في تسريح آلاف الصحفيين بعد غلق مؤسساتهم خاصة الجرائد الورقية التي لم تعد تستطيع المنافسة في ظل الانفجار الإعلامي من جهة في العالم الرقمي وتغير اهتمامات الجمهور".

 

لكن مع المصادقة على قانون الإعلام الجديد في أواخر مارس الماضي، تأمل بوثلجي أن يساهم القانون في إعادة الاعتبار للمهنة وحل المشاكل التي تواجه الصحفيين.

 

الإمارات.. "إغلاق الحيز المدني"

 

واعتبرت أكثر من 40 منظمة حقوقية دولية في بيان مشترك صدر الاثنين، أن السلطات الإماراتية توصل اعتداءها المستمر على حقوق الإنسان والحريات، بما فيه استهداف النشطاء الحقوقيين، وسنّ قوانين قمعية، واستخدام نظام العدالة الجنائية للقضاء على حركة حقوق الإنسان.

 

وقالت المنظمات، في بيانها الذي أصدرته لتعلق على حالة حقوق الإنسان قبل مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ" (كوب 28)، الذي يعقد من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر هذا العام، إن "هذه السياسات أدت إلى إغلاق الحيّز المدني، وفرض قيود صارمة على حرية التعبير على شبكة الإنترنت وخارجها، وتجريم المعارضة السلمية".

 

والثلاثاء، دعت شبكة أريج للصحفيين الاستقصائيين في العالم العربي إلى التوقيع على إعلانها "لإعلام مستقل".

 

ويذكر الإعلان أنه "مع تقلص الفضاء المدني في منطقتنا العربية، تتعرض الصحافة، وبشكل خاص الصحافة المستقلة، لتهديدات متنوعة. حيث تبتكر الحكومات ذات الميول الاستبدادية وسائل رادعة لإسكات الصحافيات والصحافيين الناقدين، ومدققي المعلومات الموثوقين".

 

ودعت الشبكة الحكومات إلى حماية هذه الحرية وفقا للمعايير والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتنصيص على حمايتها في الفضاء العام والإلكتروني وتوفير الضمانات لممارستها في دساتير دولها وقوانينها السيادية.

 

كما طالبت الحكومات بحماية الصحفيات والصحفيين ومدققي المعلومات المستقلين، وتوفير الضمانات الكافية لهم لممارسة المهنة في حرية ومن دون خوف، وبعدم الإساءة في استخدام السلطة ضدهم، سواء كانت تنفيذية أو قضائية، أو سن قوانين تجرم حرية الرأي والتعبير باسم مكافحة الإرهاب أو الأمن القومي أو الدين أو الجرائم الإلكترونية أو غيرها يكون الهدف منها إسكات صوت الإعلام المستقل.

 

وغالبا ما ترفض الحكومة في الدول العربية مخرجات التقارير الدولية حول تدني مستوى الحريات الصحفية في هذه الدول، وتزعم أن الاعتقالات التي تطال بعض الصحفيين تتم في سياقات قانونية.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI