قال مسؤولون أمريكيون إن الصين وكوبا تتفاوضان لإنشاء مركز تدريب عسكري مشترك على الجزيرة، ما قرع أجراس الإنذار في واشنطن، وأثار مخاوف من أن يؤدي تأسيس المنشأة إلى تمركز جنود صينيين وعمليات استخباراتية وأمنية صينية على بعد 100 ميل من ساحل فلوريدا.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير حصري الثلاثاء، عن تقارير استخباراتية قولها إن المناقشات بشأن المنشأة المقرر إقامتها في الساحل الشمالي لكوبا في مرحلة متقدمة، لكنها لم تنته بعد.
وأوضح مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تواصلت مع المسؤولين الكوبيين، لمحاولة عرقلة الصفقة، وإثارة مخاوف لدى كوبا من التنازل عن السيادة للصين.
وهذه هي المرة الأولى التي تذكر فيها تقارير صحافية جهود الصين لإنشاء مركز التدريب في كوبا.
ورفض البيت الأبيض التعليق على التقرير.
وأتى تصاعد المخاوف في واشنطن بشأن الطموح الصيني في منطقة الكاريبي وأمريكا اللاتينية، فيما تسعى الإدارة إلى تهدئة التوتر مع بكين، والذي فاقمته قضايا أخرى بينها الدعم الأمريكي إلى تايوان.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الإشارة إلى مركز التدريب المقترح في كوبا، وردت في تقارير استخباراتية عالية السرية، وصفوها بأنها "مقنعة" ولكنها مؤلفة على شكل أجزاء.
زيارة بلينكن إلى الصين
وسافر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى بكين الأحد، في أول زيارة لوزير خارجية أمريكي للصين منذ 2018، والتقى مع الرئيس الصيني شي جين بينج.
وقالت "وول ستريت جورنال" إن الزيارة بدا أنها هدأت من وتيرة التدهور في العلاقات، لكن بلينكن فشل في تأمين اتفاق مع الصين على مقترح أمريكي باستئناف الاتصالات العسكرية بين البلدين لتجنب سوء الفهم.
وأثار بلينكن كذلك مخاوف من النشاطات الاستخباراتية في كوبا، وفقاً لما ذكرته وزارة الخارجية الأمريكية.
وفسر محللون وصناع السياسة في واشنطن التقارير عن المنشأة بمستويات مختلفة من القلق.
"المشروع 141"
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد ذكرت في تقرير في 8 يونيو أن الصين وكوبا توصلتا إلى اتفاق مبدئي بشأن منشأة تجسس جديدة في كوبا، ووصف البيت الأبيض التقرير حينها بأنه "غير دقيق"، ولكنه لم يقد أي إيضاحات.
وبعدها بيومين، رفع البيت الأبيض السرية عن معلومات استخباراتية تؤكد علناً أن موقع الاستخبارات الصينية في كوبا موجود منذ 2019 على أقل تقدير.
وقال مسؤولون أمريكيون سابقون وحاليون إن المنشأة العسكرية الجديدة تمنح الصين منصة لتمركز محتمل دائم لقواتها على الجزيرة، وتوسيع قدراتها على جمع المعلومات، بما في ذلك التجسس الإلكتروني ضد الولايات المتحدة.
وذكر مسؤول أمريكي سابق لـ"وول ستريت جورنال" إن ما يقلق الولايات المتحدة بشكل خاص هو أن المنشأة الجديدة تندرج تحت "المشروع 141"، وهو مبادرة من جيش التحرير الصيني لتوسيع قاعدته العسكرية وشبكته إمداداته اللوجيستية عالمياً.
"شبكة تجسس"
وتدير كوبا والصين بالفعل، أربعة مراكز تجسس على الجزيرة بالفعل، وفقاً لمسؤولين أميركيين.
وحصلت "شبكة التجسس" هذه على تحديث كبير في عام 2019، حين توسعت من مركز واحد إلى أربعة مراكز تدار بشكل مشترك، مع تعميق الانخراط الصيني فيها، وفقاً للمسؤولين.
وهناك أيضاً علامات على تغييرات في الترتيبات الخاصة بتلك المنشآت، والتي قال مسؤولون أميركيون إنها قد تعني انخراطاً صينياً أكبر، إلا أن التفاصيل عن هذا الأمر شحيحة.
وأشار تقرير استخباراتي هذا العام، إلى "مركزية" إدارة المراكز الأربعة، ولكنه لم يحدد بدقة ما الذي يعنيه هذا.
وتتضمن مواقع "المشروع 141” صفقة لإنشاء قاعدة بحرية صينية في كمبوديا، وفقاً لمسؤول أمريكي.
ولا تتواجد أي من منشآت "المشروع 141" في النصف الغربي من الكرة الأرضية.
جمع المعلومات الاستخباراتية
وتحوي بعض تلك المنشآت قدرات لجمع المعلومات الاستخباراتية، ومن بينها قاعدة صينية في جيبوتي في القرن الإفريقي، وهي القاعدة العسكرية الصينية الوحيدة خارج منطقة الباسيفيك. وتعمل الصين على بناء منشأة لجمع الإشارات الاستخباراتية في تلك القاعدة.
وأحال مسؤول صيني بالسفارة الصينية في واشنطن إلى تعليقات من متحدث رفيع المستوى باسم الخارجية الصينية في بكين في 9 يونيو، وقال فيها إنه ليس على علم بأي اتفاق بين الصين وكوبا، مضيفاً أن الولايات المتحدة "خبيرة في ملاحقة الظلال" في دول أخرى والتدخل في شؤونها.
ووصفت السفارة الكوبية في واشنطن تقرير "وول ستريت جورنال" عن منشأة التجسس بأنه "كاذب تماماً. ولا أساس له".
ولم ترد السفارة على طلب التعليق على التقرير الذي نشرته الصحيفة الثلاثاء.
"رد صيني على العلاقات مع تايوان"
وتصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين في الأشهر الأخيرة، خاصة عقب رصد واشنطن ما قالت إنه "منطاد تجسس صيني" فوق أراضيها في فبراير الماضي، وأسقط الجيش الأمريكي البالون في 4 فبراير، كما وقعت حوادث بين جيشي البلدين في السماء وفي البحر.
وقال مسؤولون استخباراتيون إن بكين ترى أفعالها في كوبا على أنها رد جيوجغرافي على علاقات واشنطن مع تايوان.
وتستثمر الولايات المتحدة بقوة في تسليح تايوان وتدريب قوات الجزيرة التي تقابل البر الرئيسي للصين، وتعتبرها بكين جزءاً من أراضيها.
ونقلت "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة نشرت أكثر من 100 جندي الجزيرة لتدريب قواتها.
وتبعد تايوان حوالي 100 ميل عن البر الرئيسي للصين، وهي نفس المسافة تقريباً بين كوبا وفلوريدا.
ولا تملك الصين أي قوات مقاتلة في أمريكا اللاتينية، وفقاً لمسؤولين أميركيين، فيما تملك الولايات المتحدة قواعد عسكرية في أنحاء المحيط الهادئ وتنشر فيها ما لا يقل عن 350 ألف جندي.
وأشار المسؤولون الصينيون إلى هذا الأمر حين عارض مسؤولون أمريكيون جهود الصين لتوسيع نطاقها العسكري خارج منطقة الإندو باسيفيك.
وحذر مسؤولون أمريكيون من أن حدود خطط الصين في كوبا ليست معروفة بالكامل، وذكروا أن البلدين قد يتحركان لتوسيع العلاقات الأمنية.