7 يوليو 2024
20 يوليو 2023
يمن فريدم-توفيق الشنواح

 

تتوالى الإجراءات الحوثية في المناطق الخاضعة لسيطرتها على نحو لم يعهده اليمنيون على امتداد تاريخهم مما دفع مراقبون إلى وصفها بالتدابير "الداعشية" الدخيلة التي تضيّق على الحياة المدنية وحريات الناس.

 

ووسط استياء وسخرية شعبيين، أعلنت الجماعة المسلحة قراراً جديداً قضى بفصل الطلاب عن الطالبات في كلية الإعلام بجامعة صنعاء للمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1970، في خطوة عدها مراقبون في إطار سياسة الفصل بين الجنسين التي انتهجتها الميليشيات في المؤسسات التعليمية والمرافق الحكومية والخاصة والأماكن العامة التي تقع تحت قبضتها.

 

ثلاثة بثلاثة

 

ووفقاً لتعميم أصدره ما يعرف بـ"ملتقى الطالب الجامعي" وهو كيان استحدثه الحوثيون أخيراً مهمته مراقبة وإدارة السلوك العام في الجامعات الحكومية والخاصة في مناطق سيطرتهم، قسّمت أيام الدراسة في الأسبوع إلى ثلاثة أيام للطلاب ومثلها للطالبات، على أن تكون أيام السبت والأحد والإثنين للطلاب والثلاثاء والأربعاء والخميس للطالبات.

 

وكانت توجيهات رسمية سابقة عن الجهة نفسها اقتصرت على منع تشارك الجنسين في مشاريع التخرج أو الاحتفالات المشتركة لأن هذه سلوكيات " تتعارض مع الهوية الإيمانية للشعب"، كما أنها "تؤخر النصر وتحرير القدس"، بحسب أدبيات الجماعة وتبريراتها.

 

عمد الحوثيون خلال الأعوام الماضية إلى تضييق أفق الحياة العامة، خصوصاً الطلاب والطالبات تحت مسمى "محاربة الفتنة والاختلاط"، تحديداً في الأماكن العامة والكافيهات والمطاعم والجامعات الحكومية وحتى المناسبات الخاصة وقاعات الأفراح التي اشترطت أن تنتهي قبل الساعة العاشرة مساءً.

 

تورا بورا جديدة

 

وأثار القرار ردود فعل غاضبة ومستنكرة وصفته بـ"المتطرف" لأنه يترجم النظرة الضيقة والدونية للمرأة في المجتمع واعتبار من تتلقى تعليمها مصدراً للانحراف والغواية كما يعد تعدياً على الحقوق والأعراف المدنية والحريات العامة.

 

وقال مراقبون ونشطاء إنه علاوة على أن القرار يأتي من كيان لا علاقة له بإدارة التعليم الجامعي، إذ تم تشكيله كخلية ميليشياوية مسلحة بديلة عن "اتحاد طلاب اليمن" الذي كان يتشكل بانتخابات طلابية، يعد جهة دخيلة لا سلطة تنفيذية تتبع الطلاب ويكشف عن الخلل الإداري من ناحية، والرؤية التي ينظر من خلالها الحوثي إلى التعليم العام والعالي من ناحية أخرى لا ترى في المجتمع إلا كيانات منحرفة بمجرد الاختلاط العادي.

 

كما أن فرض هذه القرارات بقوة السلاح بقدر ما يعكس حكماً مسبقاً على إدانة السلوك وفقاً للنوايا، سينعكس على جودة التعليم الأكاديمي بحيث سيحد من الساعات اليومية التي يتطلبها المنهج الدراسي علاوة على انعكاسات النظام المضغوط للساعات الذي من المؤكد أنه لا يتناسب وقطاع واسع من الطلاب.

 

تقول الناشطة الحقوقية وضحى مرشد إن الإجراء الحوثي، يعيدنا إلى التجربة الأفغانية، فأصبحنا في أجواء "تورا بورا اليمن".

 

وتبدأ السنة الدراسية في مناطق سيطرة الحوثيين السبت المقبل الموافق في الـ 22 من يوليو (تموز) الجاري، وتسيطر الجماعة منذ 2014 على العاصمة صنعاء ومعظم مناطق وسط البلاد وشمالها ذات الكثافة السكانية.

 

فصل التعليم عن الشعب

 

يرى الباحث السياسي ثابت الأحمدي أن "الهدف من الإجراءات الحوثية فصل التعليم عن الشعب بصورة نهائية وليس فصل جنسين عن بعضهما، فقد سبقوها بسلسلة إجراءات تتعلق بالتعليم العام والجامعي منها قطع مرتبات المعلمين وتدمير المدارس وتحويلها إلى معسكرات".

 

ويقول إن "ميليشيات الحوثي أنشأت منذ فترة طويلة مراكز عدة في المناطق تكرس فيها وجودها وتعلم فيها أبناء القبائل الفقراء نهجها الطائفي القائم على الولاء التام للجماعة والموت في سبيلها في حين ترسل أبناءها إلى أرقى الجامعات الأوروبية والأميركية".

 

5 ملايين لغم بشري

 

وعلى مدى الأعوام الماضية، أدخلت الميليشيات الحوثية تعديلات واسعة على المناهج الدراسية في إطار مساعيها لغرس نهجها الطائفي في عقول الأطفال وهو ما أكدته التقارير المحلية والدولية وكتب المناهج المطبوعة حديثاً.

 

عن هذا يشير الأحمدي الى ما اعتبره "الأخطار المستقبلية المترتبة على التجهيل الحوثي و"ملشنة" المجتمع وفرزه بحسب الولاء التام لمشروعها"، ولهذا "نحن أمام خطر مستقبلي قد لا تقوم اليمن من بعده".

 

واستدل بما قام به "مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي الذي انقلب على الدولة عام 2004 وهو لا يملك سوى 15 ألف طالب ممن استطاع أن يوجههم بشكل تام لمشروع إيران في المنطقة بعد أن غرسهم في مناطق ما بين صعدة وعمران وصنعاء وحجة (الشمال) في حين لدى الميليشيات اليوم أكثر من 5 ملايين طالب يمثلون 5 ملايين لغم بشري قابل للانفجار ليس بأنفسهم ومحيطهم فقط ولكن باليمن والمنطقة والعالم".

 

ومنذ بدء الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي، يتناقص عدد الطلاب الملتحقين بالجامعات في مناطق سيطرتها لأسباب من بينها تدهور التعليم وهجرة الأكاديميين وإفراغ المؤسسات التعليمية من مضمونها العلمي بعدما حولتها إلى ثكنات لنشر الطائفية ومعسكرات للتجنيد إلى جانب انتشار البطالة، في حين سجلت الأعوام الثلاثة الأخيرة أرقاماً صادمة في بعض الكليات.

 

(أندبندنت عربية)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI