توفي محمد الفايد، رئيس هارودز السابق، ورجل الأعمال البارز الذي توفي ابنه، دودي، في حادث سيارة إلى جانب ديانا، أميرة ويلز، عن عمر يناهز 94 عاما.
وكتب أشرف حيدر، أحد أفراد عائلته، على وسائل التواصل الاجتماعي: "توفي جد زوجتي، رجل الأعمال المصري محمد الفايد. إنا لله وإنا إليه راجعون".
ولد الفايد في مصر، في 27 يناير عام 1929، وهو واحد من خمسة أطفال لمعلم في مدرسة ابتدائية، علي علي فايد.
بنى إمبراطورية تجارية في الشرق الأوسط قبل أن ينتقل إلى المملكة المتحدة في سبعينيات القرن العشرين، لكن رغم ذلك لم يحصل على جواز سفرها، وفق شبكة "بي بي سي".
وظل الفايد بعيدا عن الأضواء إلى حد كبير في العقد الماضي، حيث عاش في قصره في ساري مع زوجته هايني.
وقالت عائلته في بيان صدر الجمعة: "توفي بسلام يوم الأربعاء 30 أغسطس 2023.، وأضاف البيان "لقد تمتع بتقاعد طويل وتوفي محاطا بأحبائه".
بدوره عبر نادي فولهام لكرة القدم، الذي كان يملكه الفايد منذ سنوات عديدة، عن "حزنه لوفاته".
ارتقى الفايد من بيع المشروبات الغازية في شوارع مسقط رأسه، الإسكندرية، في مصر ليصبح اسما كبيرا في مجال الأعمال التجارية.
وانطلقت رحلته التجارية بعد أن التقى بزوجته الأولى، سميرة خاشقجي، شقيقة تاجر الأسلحة المليونير السعودي، عدنان خاشقجي، الذي وظفه في شركته للاستيراد في السعودية، وفق "بي بي سي".
ساعده هذا الدور على إقامة علاقات جديدة في مصر، وعلى الرغم من أن الزواج استمر فقط لحوالي عامين، إلا أن الفايد تمكن من إطلاق شركته الخاصة للشحن.
وفي الستينيات، أصبح الفايد مستشارا لعدد من أغنى الرجال في العالم، من بينهم حاكم دبي السابق الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الذي كلفه بالمساعدة في بناء المدينة الإماراتية، بحس ما ذكرته "ذا إندبندنت"، وسلطان بروناي، وفق "بي بي سي".
وفي عام 1974، انتقل إلى بريطانيا وبعدها بخمس سنوات اشترى فندق باريس ريتز مع شقيقه، علي، مقابل 20 مليون جنيه إسترليني، وفق "بي بي سي".
واستحوذوا على هارودز، في عام 1985، مقابل 615 مليون جنيه إسترليني، بعد حرب مزايدة شرسة مع مجموعة التعدين "لونرو".
وإضافة إلى مشاريعه التجارية، انخرط في الرياضية، وتحت ملكيته، صعد نادي فولهام من الدرجة الثالثة إلى الدوري الإنكليزي الممتاز.
قدم بسخاء للجمعيات الخيرية بما في ذلك مستشفى غريت أورموند ستريت، وكأب لخمسة أطفال، أظهر اهتماما خاصا بمساعدة الأطفال المحرومين أو المرضى، وفق "بي بي سي".
وأسس مؤسسة الفايد الخيرية، في عام 1987، لتحسين حياة الشباب الفقراء والمصابين بصدمات نفسية.
فشل في الحصول على الجنسية
فشل الفايد مرتين في محاولته للحصول على الجنسية البريطانية، وفي المرة الثانية في عام 1995، قال، غاضبا من الرفض، للصحافة أنه دفع لوزيرين محافظين، نيل هاملتون وتيم سميث، لطرح أسئلة في مجلس العموم حول اهتماماته، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام عدة، بينها "بي بي سي".
وغادر كلاهما الحكومة، كما خسر هاملتون، الذي نفى هذا الادعاء، قضية تشهير ضد الفايد.
كما استقال سياسي ثالث، هو جوناثان أيتكين، الذي كان آنذاك وزيرا في الحكومة، بعد أن كشف الفايد أنه مكث مجانا في فندق ريتز في باريس في نفس الوقت مع مجموعة من تجار الأسلحة السعوديين.
وقال لصحيفة "نيويورك تايمز"، في عام 1995: "إنه الخيال الاستعماري الإمبريالي"، مضيفا "أي شخص يأتي من مستعمرة، كما كانت مصر من قبل، يعتقدون أنه لا شيء. وعندما تثبت أنك أفضل منهم، يفكرون، "كيف يمكنه ذلك؟ إنه مصري فقط".
كان من عشاق زخارف الأرستقراطية البريطانية، اشترى قلعة في اسكتلندا، وحاول دون جدوى إنقاذ "Punch"، المجلة الساخرة المحتضرة التي انتقدت المؤسسة البريطانية لمدة 150 عاما، وفق الصحيفة الأمريكية.
وقع الفايد عقد إيجار لمدة 50 عاما لفيلا تعود إلى القرن 19 في باريس والتي كانت منزل الملك السابق، إدوارد الثامن، ملك بريطانيا، وواليس وارفيلد سيمبسون، المرأة الأمريكية المطلقة التي تنازل عن عرشه من أجلها، في عام 1936.
وفي عام 2010، باع الفايد هارودز لصندوق السيادة القطري، وذكرت "بي بي سي" أن حوالي نصف أرباح بيعها خصصت لدفع الديون المترتبة على الشركة.
حادث لم يتعاف منه
ومن فندق ريتز في باريس، الذي كان ملكه، غادر ابنه، دودي، وهو منتج أفلام، وشريكته آنذاك الأميرة ديانا، قبل حادث السيارة الذي أودى بحياتهما، في عام 1997.
لم يتعاف الفايد أبدا من صدمة الحادث، وأصبح مهووسا بالتكهنات المحيطة بالوفيات.
تضمنت شكوكه في التحقيق في فبراير 2008 ادعاءات بأن الوفاة كانت بناء على أوامر من الأمير فيليب وبالتواطؤ مع "MI6"، جهاز الاستخبارات البريطانية.
لكن تصريحاته اعتبرها الطبيب الشرعي "نظرية مؤامرة" ورفضتها هيئة المحلفين.
وجمعت قصة حب بين ابنه الأكبر، عماد، المعروف باسم دودي، وديانا التي كانت قد انفصلت لتوها عن الأمير تشارلز (الآن الملك تشارلز الثالث) ونفرت من العائلة المالكة.
يقال إن دودي الفايد التقى بأميرة ويلز لأول مرة، في عام 1986، في مباراة بولو ضد الأمير تشارلز في وندسور، لكن الثنائي لم يتعارفا عن كثب إلا بعد 11 عاما، بحسب "ذا إندبندنت".
بدأ الأمر في صيف عام 1997، عندما دعا الفايد ديانا وأبناءها لقضاء بعض الوقت في منزله على الريفيرا الفرنسية وعلى أحد يخوته. وكان دودي هناك أيضا.
ومع تطور علاقتهما الرومانسية، انقضت الصحافة البريطانية عليهما، وطارد المصورون الشريكين في كل مكان ذهبوا إليه، وفق تقرير من صحيفة "ديلي ميل".
في الساعات الأولى من يوم 31 أغسطس 1997، اصطدمت سيارة مرسيدس بنز تقل ديانا ودودي ويقودها هنري بول، وهو عميل أمن فايد، كان في حالة سكر ويسوق بسرعة عالية في محاولة للتملص من المصورين المطاردين، وجها لوجه بعمود خرساني في نفق في باريس. حيث قُتِل الثلاثة، وفق الصحيفة.
وفتح الفايد تحقيقه الخاص في الحادث بعد أن كان غير راض عن التحقيقات الرسمية، وروج لسلسلة من نظريات المؤامرة التي تزعم أن المؤسسة البريطانية كان لها دور في وفاتهم.
انفجر الجدل حول سبب تحطم السيارة والآثار المترتبة على هذه القضية. اقترحت بعض الصحف الشعبية أن المهاجر كان خاطبا غير لائق لأميرة. لكن الأصدقاء قالوا إنهما كانا يخططان للزواج، وإن عائلة فايد عرضت على ديانا وأبنائها دفئا يتناقض مع الطريقة التي تجنبتها بها العائلة المالكة البريطانية بعد الطلاق.
ومع انتشار الشائعات ونظريات المؤامرة، أعلن الفايد أن الاثنين قتلا على يد "أشخاص لا يريدون أن تكون ديانا ودودي معا". وذكر أنهما كانا مخطوبين للزواج وأصر على أنهما اتصلا به قبل ساعة من الحادث لإخباره أنها حامل. وندد قصر باكنغهام وعائلة الأميرة بتصريحاته ووصفوها بأنها "خيال خبيث"، بحسب "ديلي ميل".
وفي عام 2008، رفضت هيئة محلفين بريطانية في الطب الشرعي جميع "نظريات المؤامرة" التي تتهم العائلة المالكة وأجهزة الاستخبارات البريطانية وغيرها. وعزت الوفاة إلى "الإهمال الجسيم" من قبل السائق والمصورين المطاردين. وقالت أيضا إن طبيبا فرنسيا وجد أن ديانا لم تكن حاملا، وفق "ديلي ميل".