بعد مرور عشرة أعوام منذ اندلاع الحرب في اليمن، تبرز واحدة من أهم المشاكل التي قد يكون لها عواقب وخيمة على القطاع التعليمي، نتيجة للظروف التي تسوء يومًا بعد آخر.
ويواجه القطاع التعليمي عشرات المشاكل منذ العام 2014، بداية من تدمير المدارس وانقطاع المرتبات وعدم صرفها بصورة مستمرة، وصولًا إلى عدم توظيف معلمين جدد، الأمر الذي ينذر بخلو المدارس من المعلمين.
تحديات كثيرة تواجه العملية التعلمية في البلاد، حيث بات آلاف المعلمون في عموم البلاد على وشك التقاعد بعد وصولهم إلى السن القانونية المحددة في نصوص القانون، حيث يحق للمعلم التقاعد في حال أنهى سنوات خدمته الـ 35 عامًا، أو في حال بلغ عمره 60 عامًا، ما عدا ذلك فلا يحق له التقاعد.
أرقامًا قياسية
توقف توظيف معلمين جدد مع بداية الحرب في البلاد، وحتى العام الجاري لا يوجد توظيف في قطاع التعليم، الأمر الذي ينذر بكارثة وتبعات وخيمة على العملية التعليمة، في وقت باتت فيه المدارس عاجزة عن تغطية احتياجاتها من المعلمين، وسط صمت وتجاهل من الجانب الحكومي لاتخاذ تدابير وحلول مناسبة.
يقول مصدر في مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز نطاق سيطرة الحوثيين "فضل عدم الكشف عن اسمه" إن قطاع التعليم في صنعاء يواجه أزمة حادة وصعوبات وعراقيل في توفير المدرسين، الأمر الذي أدى إلى انخفاض في جودة التعليم، بالإضافة إلى زيادة العبء على المعلمين الموجودين، مما يؤثر بصورة سلبية على المجتمع ككل.
يضيف المصدر في تصريحه لموقع "يمن فريدم":" بلغ عدد المعلمين الذين وصلوا إلى سن التقاعد أرقامًا قياسية في الفترة الأخيرة في ظل عدم صرف رواتبهم، وانعدام التوظيف الجديد، مما يهدد مستقبل التعليم في عموم البلاد".
ويشير المصدر إلى عدد المعلمين المتقاعدين في تعز وحدها قرابة خمسة آلاف معلم، تفاوتت سنوات تعاقدهم ومازالوا ينتظرون رواتبهم المتأخرة وبقية الحقوق التي كفلها لهم القانون، وسط تجاهل رسمي وحكومي عن توفيرها، بعد انقضاء سنوات خدمتهم في المدارس.
ليست تعز بمناطقة الخاضعة لسيطرة الحكومة بحال أفضل من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فالمدينة تشهد موجة تقاعد كبيرة، فالمدارس عاجزة عن إيجاد المعلمين المؤهلين، بخاصة في المناطق الريفية، البعيدة عن مركز المدينة، حيث يلجأ بعض مدراء المدارس على التعاقد مع مدرسين من أبناء القرية لتغطية العجز، بحسب مدير مدرسة التصحيح بمنطقة الأشروح أمين همام.
ظروف معيشية صعبة
يعيش المعلمون ظروف معيشية صعبة في ظل تأخر صرف الرواتب، وشهدت محافظتي تعز وعدن خلال شهر ديسمبر من العام الماضي إضرابًا شاملًا، وخرج المئات من المعلمين في مظاهرات ووقفات احتجاجية للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة وهيكلتها لتتناسب مع الوضع المعيشي في المحافظة.
"علي ناجي" معلم متقاعد أنهى سنوات خدمته الـ 35 عامًا، تقاعد قبل عام ونصف، وحتى الآن مازال ينتظر رواتبه المتأخرة وبقية الحقوق المستحقة بحسب حديثة لموقع "يمن فريدم".
ويضيف:" كيف أعيش بدون دخل وتأخر صرف راتبي بصورة مستمرة، الوضع المعيشي صعب جدًا، نضطر للبحث عن مصادر دخل أخرى توفر لنا مصاريف الحياة ومتطلبات المعيشة بالحد الأدنى".
فجوة تربوية
آثار كبيرة تسبب بها تقاعد المعلمين، الأمر الذي أحدث خسارة على مستوى الكوادر التربوية والخبرات المتعددة لكثير من المعلمين الذين كانوا يشكلون فارقا كبيرا في العملية التعليمية.
يقول نائب مدير مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب، عبدالعزيز الباكري، إن الآثار المترتبة على وصول مئات المعلمين إلى سن التقاعد كبيرة جدًا على العملية التعليمية مع عدم توظيف معلمين جدد، حيث سنخسر كوادر تربوية وخبرات علمية مما يشكل فجوة تربوية في الميدان.
ويضيف في تصريحه لموقع "يمن فريدم":" حاليًا عدد المعلمين المحالين للتقاعد تقريبًا 209 معلم، وهناك معلمين آخرين أصيبوا بأمراض أضعفت قدرتهم على العطاء، أما التراجع على الاقبال للتوظيف فالتوظيف موقف منذ العام 2012 تقريبًا، وهذا تسبب في مشكلة كبيرة بحد ذاته بعدم توظيف كوادر جديده".
يرى المعلمون المتقاعدون أن تعاقدهم حق قانوني مكفول، وأنهم قد أمضوا سنوات الخدمة على أكمل وجه، مطالبين بصرف مستحقاتهم القانونية، ومع استمرار عدم توظيف كوادر جديدة فإن المدارس ستعاني من فراغ كبير وغياب لمعلمين هم الأساس الأول في العملية التعليمية.