21 نوفمبر 2024
13 يوليو 2023
يمن فريدم-خاص-وفيق صالح

 

وسط تلاحق الأزمات الاقتصادية في البلاد، وتزايد الضغوطات على المالية العامة للدولة، شهدت أسواق الصرف خلال الآونة الأخيرة، تدهوراً مريعا لقيمة الريال الوطني أمام العملات الأجنبية، في مؤشر على مدى ضعف الاقتصاد الكلي، وهشاشة الموارد العامة، خلال الوقت الراهن، سيما مع استمرار توقف تصدير النفط الخام والغاز، وتشتت وضياع الموارد المحلية.

 

انهيار سريع

 

وخلال الساعات الأخيرة، اقترب سعر الدولار الأمريكي من حاجز الـ 1500 أمام الريال اليمني، لأول مرة منذ تشكيل المجلس الرئاسي في أبريل من العام الماضي.

 

يأتي تراجع قيمة العملة المحلية وسط شح كبير في النقد الأجنبي بسوق الصرف، مع توقف صادرات النفط منذ تسعة أشهر بسبب هجمات مليشيا الحوثي، والتي كانت تمثل ما يقارب 70% من موارد العملة الصعبة للحكومة.

 

وبلغت إجمالي الخسائر المالية للحكومة منذ أكتوبر الماضي، نحو مليار دولار بسبب توقف تصدير النفط الخام.

 

وأدى الهبوط السريع للعملة، إلى زيادات حادة يومية في الأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء غالبية السلع الأساسية، حيث بات غالبية المواطنين يشكون جنون الأسعار، الذي أنهك حياتهم اليومية، خصوصا مع غياب التدخلات الحكومية للحفاظ على الاستقرار التمويني في الأسواق.

 

وعلى الرغم من إعلان البنك المركزي بشكل أسبوعي عن المزادات الإلكتروني لبيع العملة الصعبة للبنوك وتوفير جزء من احتياجات السوق من النقد الأجنبي، إلا أن أسواق الصرف يبدوا باتت خارج السيطرة ولم تستجب لأي إجراءات من شأنها كبح جماح صعود العملات الأجنبية أمام الريال اليمني.

 

ويقول البنك المركزي إنه أوقف بشكل كلي تمويل النفقات من مصادر تضخمية، إضافة إلى منع طباعة العملة، ورفض ضخ أي كميات جديدة من العملة في السوق المصرفية.

 

وأوضح مصدر في البنك المركزي أن البنك لن يعود الى ممارسات الماضي بتمويل نفقات الحكومة من مصادر تضخمية، نظرا لمخاطرها وآثارها السلبية على الاقتصاد وسعر الصرف على وجه الخصوص، لافتاً إلى أن نسبة النمو في القاعدة النقدية خلال الفترة من بداية 2022 وحتى اليوم كان صفرا، وهو ما يعني عدم وجود أي اصدار نقدي خلال الفترة.

 

الدعم الخارجي

 

وطبقا لخبراء فإن الاختلال القائم في الاقتصاد اليمني، والانقسام النقدي، وغياب الدعم الخارجي، وكذلك توقف المصادر المستدامة من النقد الأجنبي للبنك المركزي، قد أثرت سلباً على استقرار سعر الصرف، وأدت إلى تهاوي قيمة الريال الوطني.

 

وكان لتعطيل صادرات النفط والغاز المسال، تداعيات كبيرة على الوضع المالي في البلاد، علاوةً على توقف المنح والقروض الخارجية، وتقلص تحويلات المغتربين.

 

وإلى جانب حرمان الحكومة من موارد هامة وحيوية، تشن مليشيا الحوثي حرباً اقتصادية بلا هوادة ضد اقتصاد البلاد وركائز التنمية، تثملت بالعمل على تكريس الانقسام النقدي، وشن هجمات عسكرية على موانئ ومنشآت تصدير النفط الخام، إضافة إلى منع دخول السلع والمنتجات والبضائع القادمة من المحافظات المحررة، إلى مناطق سيطرة المليشيا.

 

مخاوف

 

وأرجع الباحث والمحلل الاقتصادي وحيد الفودعي، أسباب تدهور العملة، إلى العديد من العوامل منها توقف مخاوف المتعاملين في سوق الصرف من توقف صادرات النفط وأثرها السلبي على الاقتصاد وأسعار الصرف.

 

وأوضح في تصريح لـ "يمن فريدم" أن زيادة الطلب على النقد الأجنبي والتي تركزت من المناطق التي تديرها الحكومة، لتغطية طلبات الاستيراد، قد دفعت إلى ارتفاع العملات الصعبة، فضلا عن استغلال المضاربين بالعملة ومليشيا الحوثي، للأوضاع المتعثرة، والدفع باتجاه رفع سعر الصرف لتحقيق مكاسب مادية وسياسية.

 

وبحسب الفودعي، فإن عدم حصول البنك المركزي على دعم خارجي، ساهم أيضا في تذبذب أسعار الصرف.

 

وتعاني المالية العامة من اختلالات عديدة، نتيجة غياب الإصلاحات في المؤسسات وغياب الحكومة والشفافية، فضلاً عن الشرخ الرأسي الذي حصل للموارد المحلية، وغياب أهم الإيرادات لمليشيا الحوثي، التي تنصلت من أي التزامات مالية تجاه دفع رواتب الموظفين أو الإنفاق على الخدمات العامة.

 

اختلالات مالية

 

ويرى مراقبون، أن عدم معالجة اختلالات المالية العامة، واستمرار السحب على المكشوف، ستؤدي إلى تدهور قيمة الريال اليمني، مطالبين بوضع حلول سريعة للمركز المالي للبنك المركزي، وتفعيل أدوات السياسة النقدية، عبر السيطرة على مجمل النشاط المصرفي.

 

أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن الدكتور يوسف سعيد، يقول إن استمرار توقف صادرات النفط الخام، وتدني التحويلات الخارجية ومن بينها تحويلات المغتربين، من العوامل التي عملت على تدهور قيمة العملة الوطنية.

 

وأوضح أن استمرار المضاربات في سعر الصرف، وارتفاع الطلب على العملات الاجنبية الذي ترتب على المناسبات العيدية والحج والعمرة، كلها أسباب ساهمت في غياب استقرار أسواق الصرف.

 

ومن أسباب تدهور العملة- طبقا لأستاذ الاقتصاد في جماعة عدن - تعزز الشكوك بشأن غياب اي دعم اقتصادي حقيقي من الدول الخليجية بما في ذلك ما أعلن عن بعض المصادر المحلية عن تقديم دعم سعودي للموازنة العامة للدولة، إضافة إلى استمرار الانقسامات السياسية بين الانتقالي والشرعية سواء داخل الحكومة أو مجلس القيادة الرئاسي.

 

دورة انهيار الريال هذه المرة، تأتي مع تراكم العديد من العوامل والأسباب منها استمرار حالة عدم اليقين في مختلف الأوضاع بالبلاد ومنها الملف الاقتصادي، نتيجة توقف كثير من الموارد المالية واهمها صادرات النفط والغاز، وتشتت الموارد في الداخل، إضافة إلى غياب الدعم الإقليمي والدولي للاقتصاد اليمني وتوقف المنح الخارجية للبنك المركزي اليمني واستمرار الطلب على العملة الصعبة في مناطق الحكومة في ظل شحة شديدة للنقد الأجنبي تعاني منها أسواق الصرف.

 

ويرى مراقبون، أن استمرار الخلافات في الجبهة المناوئة للحوثيين، وعدم وجود أي حلحلة للأزمات السياسية، قد القت بظلالها على الملفات الأخرى، ومنها الملف الاقتصادي والمعيشي.

 

واعتبروا أن الوضع الاقتصادي، هو انعكاس لمجمل الأوضاع في البلد، وبالمحصلة فإن أي جهود نحو تحقيق الاستقرار السياسي، سيؤدي إلى بشكل مباشر إلى حدوث انفراجه للازمات الاقتصادية.

 

وتزداد الأوضاع قتامة، مع عدم توفر أي قدر من اليقين بشأن المستقبل، وغياب أي إجراءات أو خطوات عملية نحو إصلاح الوضع المعيشي، وتفعيل مؤسسات الدولة.

 

ومع استمرار الاختلالات تزداد الحاجة المًلحة نحو إصلاح الأوضاع ولو بالقدر المُتاح خلال الوقت الراهن، لضمان عدم انزلاق البلاد نحو كارثة المجاعة.

 

برامج تقشف

 

ويطالب خبراء الحكومة بتقليص المدفوعات الخارجية من النقد الأجنبي، ووضع برامج عمل تقشفية تحد من عملية هدر الموارد، والعمل على إصلاحات هيكلية في القطاعات العامة التي تستنزف الموارد الشحيحة للبلاد، وعلى رأسها قطاع الكهرباء، الذي يستهلك أكثر من 70 مليون دولار شهرياً تذهب لشراء الوقود والمازوت لمحطات توليد الكهرباء.

 

كما أدت الثغرات التي تشوب النظام المصرفي القائم في مناطق الحكومة، إلى تمكين المضاربين بالعملة ومليشيا الحوثي، من التلاعب بأسعار الصرف عبر طلب مفتعل على العملة الصعبة، لتحقيق أهداف مادية وسياسية.

 

وطبقا لاقتصاديين، فإن آلية العرض والطلب التي تحكم سعر الصرف بالمحافظات المحررة، يستغلها أطراف عدة، لسحب العملة الصعبة من السوق، والدفع بعملية تدهور الريال، خصوصاً وأن البلاد تشهد اضطرابات سياسية وأمنية.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI